تلك مقالة إخوان عبدة الأوثان وخصماء الرحمن وحزب الشيطان
______________________________________________________
ينبغي أن يكون كذلك.
الخامس : ما قيل لعل وجه ذلك أن المذنب بصدور القبائح والسيئات منه متألم منكسر البال لظنه أنها وقعت منه باختياره ، وقد كانت بجبر جابر وقهر قاهر فيستحق الإحسان ، وأن المحسن لفرحانه بصدور الحسنات عنه وزعمه أنه قد فعلها بالاختيار أولى بالعقوبة من المذنب ، وفي حديث الأصبغ هكذا : ولم تأت لأئمة من الله لمذنب ولا محمدة لمحسن ، ولم يكن المحسن أولى بالمدح من المسيء ، ولا المسيء أولى بالذم من المحسن ، تلك مقالة عبدة الأوثان وجنود الشيطان وشهود الزور وأهل العمى عن الصواب وهم قدرية هذه الأمة ومجوسها.
« تلك مقالة إخوان عبدة الأوثان » أي أشباههم ، لأن عبدة الأوثان الذين كانوا في عصر النبي صلىاللهعليهوآله كانوا جبرية لقوله تعالى : « وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللهُ أَمَرَنا بِها » (١) أي جعلنا الله مجبورا عليها وقوله : « وَقالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ » (٢) وأمثال ذلك في القرآن كثيرة.
وقيل : إنما كانوا إخوانهم لأن القول بما يستلزم بطلان الثواب والعقاب في حكم القول بلازمه ، والقول ببطلان الثواب والعقاب قول عبدة الأوثان ، وأما كونهم خصماء الرحمن لأنهم نسبوا إليه سبحانه ما لا يليق بجنابة من الظلم والجور والعبث وأية خصومة وعداوة تكون أشد من ذلك. وقيل : إنكار الأمر والنهي إنكار للتكليف والمنكرون للتكاليف خصماء المكلف الآمر والناهي.
وقيل : لما نسب الله سبحانه في آيات كثيرة أفعال العباد إليهم ، وصرح في كثير منها ببراءته من القبائح والظلم ، وهؤلاء يقولون نحن برآء من القبائح وأنت تفعلها فلا مخاصمة أعظم من ذلك « وحزب الشيطان » لأنه لعنه الله قال : « رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي »
__________________
(١) سورة الأعراف : ٢٨.
(٢) سورة النحل : ٣٥. وأصل الآية هكذا « وقال الذين أشركوا لو شاء الله .... ».