وقدرية هذه الأمة ومجوسها
______________________________________________________
وأيضا أنه لعنه الله يبعثهم على تلك العقائد الفاسدة ، أو لما لزمهم بطلان الأمر والنهي والتكليف فيجوز له متابعة الشيطان في كل ما يدعوهم إليه ، وقوله : وقدرية هذه الأمة ، يدل على أن المجبرة هم القدرية ، ولا خلاف بين الأمة في أن النبي صلىاللهعليهوآله ذم القدرية ، لكن كل من الجبرية والتفويضية يسمون خصومهم بها ، وفي أخبارنا أطلقت عليهما ، وإن كان على التفويضية أكثر ، قال في المقاصد : لا خلاف في ذم القدرية وقال شارحه : قد ورد في صحاح الأحاديث لعنة القدرية على لسان سبعين نبيا ، والمراد بهم القائلون بنفي كون الخير والشر كله بتقدير الله ومشيته ، سموا بذلك ، لمبالغتهم في نفيه وكثرة مدافعتهم إياه ، وقيل : لإثباتهم للعبد قدرة الإيجاد وليس بشيء ، لأن المناسب حينئذ القدري بضم القاف ، وقالت المعتزلة : القدرية هم القائلون بأن الشر والخير كله من الله تعالى وبتقديره ومشيته ، لأن الشائع نسبة الشخص إلى ما يثبته ويقول به كالجبرية والحنفية والشافعية لا إلى ما ينفيه.
ورد بأنه صح عن النبي صلىاللهعليهوآله قوله : القدرية مجوس هذه الأمة ، وقوله : إذا قامت القيامة نادى مناد أهل الجمع : أين خصماء الله ، فتقوم القدرية ، ولا خفاء في أن المجوس هم الذين ينسبون الخير إلى الله والشر إلى الشيطان ، ويسمونهما : يزدان ، وأهريمن ، وأن من لا يفوض الأمور كلها إلى الله ، ومعترض لبعضها فينسبه إلى نفسه ، يكون هو المخاصم لله تعالى ، وأيضا من يضيف القدر إلى نفسه ويدعي كونه الفاعل والمقدر أولى باسم القدري ممن يضيفه إلى ربه.
فإن قيل : روي عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه قال لرجل قدم عليه من فارس : أخبرني بأعجب شيء رأيت؟ فقال : رأيت أقواما ينكحون أمهاتهم وبناتهم وأخواتهم ، فإذا قيل لهم : لم تفعلون ذلك؟ قالوا قضاء الله علينا وقدره؟ فقال صلىاللهعليهوآله : ستكون في آخر أمتي أقوام يقولون بمثل مقالتهم ، أولئك مجوس أمتي ، وروى الأصبغ بن نباتة : أن شيخا قام إلى علي بن أبي طالب عليهالسلام بعد انصرافه من صفين ثم ذكر نحو هذا