باطِلاً » ولم يبعث النبيين مبشرين ومنذرين عبثا « ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ » فأنشأ الشيخ يقول :
______________________________________________________
كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ ، أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ » (١) وهذا إما رد على عبدة الأوثان المذكورين سابقا بتقريب ذكر إخوانهم ، أو المجبرة إذ الجبر يستلزم بطلان الثواب والعقاب والتكليف المستلزم لكون خلق السماوات والأرض عبثا وباطلا ، أو المفوضة أيضا لأن التفويض على أكثر الوجوه الآتية ينافي غرض الإيجاد ، وكون بعثة الأنبياء والرسل مع الجبر باطلا ظاهر ، بل مع التفويض على بعض الوجوه.
أقول : وروى الصدوق في التوحيد والعيون هذه الرواية عن أبي الحسن الثالث عن آبائه عليهمالسلام ، وعن الصادق عن آبائه عليهمالسلام بسندين آخرين وعن ابن عباس بسند آخر ، وزاد في الرواية بالسند الأخير ، فقال الشيخ : فما القضاء والقدر اللذان ساقانا وما هبطنا واديا ولا علونا تلعة إلا بهما؟ فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : الأمر من الله والحكم ، ثم تلا هذه الآية « وَقَضى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً » (٢) أي أمر ربك.
وقال الشيخ أحمد بن أبي طالب الطبرسي في كتاب الاحتجاج بعد إيراد هذه الرواية : وروي أن الرجل قال : فما القضاء والقدر الذي ذكرته يا أمير المؤمنين؟ قال : الأمر بالطاعة ، والنهي عن المعصية والتمكين من فعل الحسنة وترك المعصية ، والمعونة على القربة إليه والخذلان لمن عصاه ، والوعد والوعيد والترغيب والترهيب ، كل ذلك قضاء الله في أفعالنا وقدره لأعمالنا ، أما غير ذلك فلا تظنه فإن الظن له محيط للأعمال ، فقال الرجل : فرجت عني بذلك يا أمير المؤمنين فرج الله عنك ، وفي رواية ابن نباتة الذي أورده العلامة وغيره : فقال الشيخ : وما القضاء والقدر اللذان
__________________
(١) سورة ص : ٢٨.
(٢) سورة الإسراء : ٢٣.