______________________________________________________
الكفر والإيمان ، ومثل ذلك مثل رجل ملك عبدا ابتاعه ليخدمه ويعرف له فضل ولايته ويقف عند أمره ، ونهيه ، وادعى مالك العبد أنه قادر قاهر عزيز حكيم ، فأمر عبده ونهاه ووعده على اتباع أو أمره عظيم الثواب ، وأوعده على معصيته أليم العقاب ، فخالف العبد إرادة مالكه ولم يقف عند أمره ونهيه ، فأي أمر أمره به أو نهي نهاه عنه لم يأتمر على إرادة المولى ، بل كان العبد يتبع إرادة نفسه ، وبعثه في بعض حوائجه ، وفيها الحاجة له ، فصدر العبد بغير تلك الحاجة خلافا على مولاه ، وقصد إرادة نفسه واتبع هواه ، فلما رجع إلى مولاه نظر إلى ما أتاه فإذا هو خلاف ما أمره به ، فقال العبد : اتكلت على تفويضك الأمر إلى فاتبعت هواي وإرادتي ، لأن المفوض إليه غير محصور عليه ، لاستحالة اجتماع التفويض والتحصير.
ثم قال عليهالسلام : من زعم أن الله فوض قبول أمره ونهيه إلى عباده فقد أثبت عليه العجز ، وأوجب عليه قبول كل ما عملوا من خير أو شر وأبطل أمر الله تعالى ونهيه ، ثم قال : إن الله خلق الخلق بقدرته ، وملكهم استطاعة ما تعبدهم به من الأمر والنهي وقبل منهم اتباع أمره ورضي بذلك منهم ، ونهاهم عن معصيته وذم من عصاه وعاقبه عليها ، ولله الخيرة في الأمر والنهي ، يختار ما يريد ويأمر به ، وينهى عما يكره ، ويثيب ويعاقب بالاستطاعة التي ملكها عباده لاتباع أمره واجتناب معاصيه ، لأنه العدل ومنه النصفة والحكومة ، بالغ الحجة بالأعذار والإنذار ، وإليه الصفوة يصطفي من يشاء من عباده ، اصطفى محمدا صلىاللهعليهوآله وبعثه بالرسالة إلى خلقه ، ولو فوض اختيار أموره إلى عباده لأجاز لقريش اختيار أمية بن الصلت وأبي مسعود الثقفي ، إذ كانا عندهم أفضل من محمد صلىاللهعليهوآله لما قالوا : لو لا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم يعنونهما بذلك.
فهذا هو القول بين القولين ليس بجبر ولا تفويض ، بذلك أخبر أمير المؤمنين عليهالسلام حين سأله عباية بن ربعي الأسدي عن الاستطاعة؟ فقال أمير المؤمنين عليهالسلام