______________________________________________________
تملكها من دون الله أو مع الله؟ فسكت عباية ، فقال له : قل يا عباية! قال : وما أقول؟ قال : إن قلت تملكها مع الله قتلتك ، وإن قلت تملكها من دون الله قتلتك ، قال :وما أقول يا أمير المؤمنين؟ قال : تقول تملكها بالله الذي يملكها من دونك ، فإن ملكها كان ذلك من عطائه ، وإن سلبكها كان ذلك من بلائه ، وهو المالك لما ملكك ، والمالك لما عليه أقدرك ، أما سمعت الناس يسألون الحول والقوة حيث يقولون : لا حول ولا قوة إلا بالله؟ فقال الرجل : وما تأويلها يا أمير المؤمنين؟ قال : لا حول بنا عن معاصي الله إلا بعصمة الله ، ولا قوة لنا على طاعة الله إلا بعون الله ، قال : فوثب الرجل وقبل يديه ورجليه ، إلى آخر الخبر بطوله.
وأقول أكثر أجزاء هذا الخبر يدل على ما ذكرنا في الوجه التاسع ، وأما ما ذكر في معنى التفويض ، فيحتمل أن يكون راجعا إلى الوجه الأول ، لكن الظاهر أن غرضه عليهالسلام من نفي التفويض نفي ما ذكره المخالفون من تفويض اختيار الإمام عليهالسلام ونصبه إلى الأمة وتفويض الأحكام إليهم بأن يحكموا فيها بآرائهم ، وقياساتهم واستحساناتهم ، ولهذا أجمل عليهالسلام في الكلام ، وقال في هذا كلام دقيق ، وبين ذلك أخيرا بذكر قريش واصطفائهم فلا تغفل.
فيمكن أن يعد هذا وجها عاشرا لنفي الجبر والتفويض ، وإثبات الواسطة.
ويؤيد ما ذكرنا أيضا ما رواه الشيخ أبو الفتح الكراجكي في كتاب كنز الفوائد إن الحسن البصري كتب إلى الإمام الحسن بن علي عليهماالسلام : من الحسن البصري إلى الحسن بن رسول الله أما بعد فإنكم معاشر بني هاشم الفلك الجارية في اللجج الغامرة ، مصابيح الدجى وأعلام الهدى ، والأئمة القادة ، الذين من تبعهم نجا والسفينة التي يؤول إليها المؤمنون ، وينجو فيها المتمسكون ، قد كثر يا بن رسول الله عندنا الكلام في القدر ، واختلافنا في الاستطاعة ، فعلمنا ما الذي عليه رأيك ورأي آبائك فإنكم ذرية بعضها من بعض ، من علم الله علمتم ، وهو الشاهد عليكم ، وأنتم الشهداء