______________________________________________________
وفي الصحيح أيضا عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سمعته يقول وعنده قوم يتناظرون في الأفاعيل والحركات ، فقال : الاستطاعة قبل الفعل ، لم يأمر الله عز وجل بقبض ولا بسط إلا والعبد لذلك مستطيع ، والأخبار في ذلك كثيرة.
والأشاعرة إنما قالوا بعدم القدرة قبل الفعل وكونها مع الفعل لأنهم يقولون بعدم تأثير قدرة العبد وإرادته في الفعل أصلا.
إذا عرفت هذا فاعلم أن هذا الخبر ظاهرا موافق لمذهب الأشاعرة ، ومخالف لمذهب الإمامية ، والأخبار الصحيحة السالفة تنفيه ، ويمكن تأويله بوجوه :
الأول : حمله على التقية إذ أكثر المخالفين يرون رأي الأشعري ويتبعونه في أصول مذهبهم ، ويؤيده أن ما ذكر فيه من الدليل على نفي الاستطاعة من عمدة دلائل الأشاعرة على نفي اختيار العبد حيث قالوا : القدرة على الأثر بمعنى التمكن على فعله وتركه ، إما حال وجود الأثر وحينئذ يجب وجوده ، فلا يتمكن من الترك وإما حال عدمه فيجب عدمه فلا يتمكن من الفعل ، وأجيب بأنا نختار أنها حال عدم الأثر لكنها عبارة عن التمكن من الفعل في ثاني الحال ، فلا ينافيه العدم في الحال ، بل يجتمع معه.
الثاني : أن يقال المراد بالاستطاعة في الخبر الاستعداد التام الذي لا يكون إلا مع الأثر والمراد بآلة الاستطاعة جميع ما يتوقف عليه الأثر فعلا كان أو تركا ، فاستطاعة الفعل لا يكون إلا مع الفعل ، واستطاعة الترك لا يكون إلا مع الترك ، وبعبارة أخرى : المراد بالاستطاعة الاستقلال بالفعل ، بحيث لا يمكن أن يمنعه مانع عنه ، ولا يكون هذا إلا في حال الفعل إذ يمكن قبل الفعل أن يزيله الله تعالى عن الفعل بصرفه عنه ، أو إعدامه أو إعدام الآلة ، والحاصل أن استطاعة الشيء التمكن منه وانقياد حصول ذلك الشيء له ، واستطاعة أحد الطرفين لا يستلزم استطاعة الآخر بخلاف القدرة ، فإن القدرة على أحد الطرفين تلزمه القدرة على الآخر ، والقدرة