الاستطاعة فقال أتستطيع أن تعمل ما لم يكون قال لا قال فتستطيع أن تنتهي عما قد كون قال لا قال فقال له أبو عبد الله عليهالسلام فمتى أنت مستطيع قال لا أدري قال فقال له أبو عبد الله عليهالسلام إن الله خلق خلقا فجعل فيهم آلة الاستطاعة
______________________________________________________
على الفعل تسبقه بمراتب بخلاف الاستطاعة ، قال إمامهم الرازي في الجمع بين رأيي الأشاعرة والمعتزلة في تلك المسألة : القدرة قد تطلق على القوة العضلية التي هي مبدء الآثار المختلفة في الحيوان بحيث متى انضم إليها إرادة كل واحد من الضدين حصل دون الآخر ، ولا شك في أن نسبتها إلى الضدين على السواء ، وقد تطلق على القوة المستجمعة لشرائط التأثير ، ولا شك في امتناع تعلقها بالضدين وإلا اجتمعا في الوجود ، بل هي بالنسبة إلى كل مقدور غيرها بالنسبة إلى مقدور آخر لاختلاف الشرائط بحسب مقدور مقدور ، فلعل الأشعري أراد بالقدرة المعنى الثاني ، فحكم بأنها لا تتعلق بالضدين ، ولا هي قبل الفعل ، والمعتزلة أرادوا بها المعنى الأول فذهبوا إلى أنها تتعلق بالضدين وأنها قبل الفعل « انتهى » وهذا الكلام متين لكنه لا يصلح جامعا بين القولين ، لأن الأشعري لا يقول بتأثير قدرة العبد وإرادته ، ولذا قال بمقارنتها للفعل.
الثالث : أن يكون المعنى أن في حال الفعل تظهر الاستطاعة ، ويعلم أنه كان مستطيعا قبله ، بأن أذن الله له في الفعل ، كما ورد أن بعد القضاء لا بداء.
قوله عليهالسلام : أن تعمل ما لم يكون ، أي بعد حصول الترك في زمان الترك لا تستطيع الفعل ، بل تستطيع الترك ، وتمت علته وحصل ، فلا تستطيع الفعل حينئذ ، إذ لم يحصل منك ولا من الله ما يتوقف عليه حصول الفعل قبله ، فصار الترك حينئذ واجبا بعلله التي منها إرادة العبد الترك.
قوله عليهالسلام : أن تنتهي عما قد كون ، أي بعد وجود الفعل ووجوبه بعلله التي منها إرادته كيف يستطيع الترك ، فالقدرة على الفعل والترك قبلهما واستطاعتهما أي وجوبهما ولزومهما في وقتهما كما مر في الوجه الثاني « فجعل فيهم آلة الاستطاعة »