______________________________________________________
ومن الكتاب المذكور عن جميل قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : متكلمو هذه العصابة من شرار من هم منهم ، إلى غير ذلك من الأخبار التي أوردتها في كتاب بحار الأنوار.
وقال شارح التجريد القوشجي في سياق أدلة النافين لوجوب النظر شرعا : وثانيها : أن النبي صلىاللهعليهوآله نهى عن الجدل كما في مسألة القدر ، روي أنه صلوات الله عليه خرج على أصحابه فرآهم يتكلمون في القدر ، فغضب حتى احمرت وجنتاه وقال : إنما هلك من كان قبلكم بخوضهم في هذا ، عزمت عليكم أن لا تخوضوا فيه أبدا ، وقال صلوات الله عليه : إذا ذكر القدر فأمسكوا ، ولا شك أن النظر جدل ، فيكون منهيا عنه لا واجبا ، وأجيب : بأن ذلك النهي الوارد عن الجدل إنما هو حيث كان الجدل تعنتا ولجاجا بتلفيق الشبهات الفاسدة لترويج الآراء الباطلة ، ودفع العقائد الحقة وإراءة الباطل في صورة الحق بالتلبيس والتدليس ، كما قال تعالى : « وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَ » (١) وقال : « بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ » (٢) وقال « وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ » (٣) ومثل هذا الجدال لا نزاع في كونه منهيا عنه ، وأما الجدل بالحق لإظهاره وإبطال الباطل فمأمور به ، قال الله تعالى : « وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ » (٤) ومجادلة الرسول لابن الزبعرى ، وعلي عليهالسلام للقدري مشهورة إلى آخر ما قال.
الثاني : أن الهداية من الله سبحانه ، ولا يقدر الخلق عليها ، وهو حق ، ومحمول على الإيصال إلى المطلوب ، وهو مما لا يقدر عليه غيره تعالى ، وأما الهداية بمعنى إراءة الطريق فهي شأن الأنبياء والأوصياء والعلماء ، وربما يحمل على أن مفيض العلم
__________________
(١) سورة الغافر : ٥.
(٢) سورة زخرف : ٥٨.
(٣) سورة الحج : ٣ و ٨.
(٤) سورة النحل : ١٢٥.