______________________________________________________
المراد بالإضلال في الآية الدعاء إلى الضلال ، ولا الأمر به ، ولا الإجبار عليه ، لإجماع الأمة على أن الله تعالى لا يأمر بالضلال ، ولا يدعو إليه ، فكيف يجبر عليه ، والدعاء إليه أهون من الإجبار عليه ، وقد ذم الله سبحانه فرعون والسامري على إضلالهما عن دين الهدى في قوله : « وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَما هَدى » (١) وقوله : « وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُ » (٢) ولا خلاف في أن إضلالهما إضلال أمر وإجبار ودعاء ، وقد ذمهما الله سبحانه عليه مطلقا ، فكيف يتمدح بما ذم عليه غيره.
وقوله : « كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ » فيه وجوه : « أحدها » أن معناه كأنه قد كلف أن يصعد إلى السماء إذا دعي إلى الإسلام من ضيق صدره عنه ، وكان قلبه يصعد إلى السماء نبوا عن الإسلام والحكمة عن الزجاج « وثانيها » أن معنى يصعد كأنه يتكلف مشقة في ارتقاء صعود « وثالثها » أن معناه كأنما ينزع قلبه إلى السماء لشدة المشقة عليه في مفارقه مذهبه « انتهى ».
وروى الصدوق في التوحيد والعيون وغيرهما بإسناده عن حمدان بن سليمان قال :
سألت الرضا عليهالسلام عن قول الله عز وجل : « فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ » قال : من يرد الله أن يهديه بإيمانه في الدنيا إلى جنته ودار كرامته في الآخرة يشرح صدره للتسليم لله والثقة به ، والسكون إلى ما وعده من ثوابه حتى يطمئن إليه ، ومن يرد أن يضله عن جنته ودار كرامته في الآخرة لكفره به وعصيانه له في الدنيا يجعل صدره ضيقا حرجا حتى يشك في كفره ويضطرب من اعتقاده قلبه حتى يصير كأنما يصعد في السماء « كَذلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ ».
وفي معاني الأخبار بإسناده عن أبي عبد الله عليهالسلام في قوله عز وجل : « وَمَنْ يُرِدْ
__________________
(١) سورة طه : ٧٩.
(٢) سورة طه : ٨٥.