٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن علي بن عقبة ، عن أبيه قال سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول اجعلوا أمركم لله ولا تجعلوه للناس فإنه ما كان لله فهو لله وما كان للناس فلا يصعد إلى الله ولا تخاصموا الناس لدينكم فإن المخاصمة ممرضة للقلب إن الله تعالى قال لنبيه صلىاللهعليهوآله « إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ
______________________________________________________
أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً » فقال : قد يكون ضيقا وله منفذ يسمع منه ويبصر والحرج هو الملتئم الذي لا منفذ يسمع به ولا يبصر منه.
الحديث الثالث : حسن.
قوله عليهالسلام : اجعلوا أمركم ، أي دينكم قولا وفعلا خالصا « لله » طالبين لمرضاته « ولا تجعلوه للناس » رياء وسمعة ، وللغلبة عليهم وإظهارا للفضل والكمال « فإنه ما كان لله فهو لله » أي يصل إليه ويقبله ، وقيل : ما كان لله في الدنيا فهو في الآخرة أيضا لله يطلب الثواب منه « وما كان للناس فلا يصعد إلى الله » أي لا يقبله ، أو لا يصعد به ليكتب في ديوان المقربين كما قال سبحانه : « إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ » (١) وقال : « إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ » (٢) فإن صعودهما إليه مجاز عن قبوله إياهما ، أو صعود الكتبة بصحيفتهما « فإن المخاصمة ممرضة » بفتح الميم والراء ، اسم مكان أو بضم الميم وكسر الراء اسم فاعل ، أي موجبة لحدوث أمراض الشك والشبهة والأخلاق الذميمة من الحقد والحسد وغيرهما في القلب ، والقلب المستعد لقبول الحق يكفيه أدنى تنبيه ، والقلب المطبوع على الباطل لا تنجع (٣) فيه أعلى مدارج الخصومات من العالم النبيه بل يضره ويصير سببا لمزيد رسوخه فيما هو فيه ، ثم أيد عليهالسلام ما ذكره بقوله تعالى لنبيه صلوات الله عليه في عدم ترتب الهداية على مبالغته ومجادلته :
« إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ » قال الطبرسي رحمهالله أي أحببت هدايته أو
__________________
(١) سورة المطففين : ١٨.
(٢) سورة فاطر : ١٠.
(٣) أي لا تؤثر ولا تدخل.