وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ » (١) وقال « أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ » (٢)
______________________________________________________
أحببته لقرابته ، والمراد بالهداية هنا اللطف الذي يختار عنده الإيمان ، فإنه لا يقدر عليه إلا الله لأنه إما أن يكون من فعله خاصة أو بإعلامه ، ولا يعلم ما يصلح المرء في دينه إلا الله تعالى ، فإن الهداية التي هي الدعوة والبيان قد أضافه سبحانه إليه في قوله : « وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ » (٣).
وقيل : إن المراد بالهداية في الآية الإجبار على الاهتداء أي أنت لا تقدر على ذلك ، وقيل : معناه ليس عليك اهتداؤهم وقبولهم الحق « وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ » بلطفه ، وقيل : على وجه الإجبار.
وقال رحمهالله في قوله تعالى « وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً » (٤) معناه الأخبار عن قدرة الله تعالى على أن يكره الخلق على الإيمان ، كما قال : « إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ » (٥) ولذا قال بعد ذلك « أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ » ومعناه أنه لا ينبغي أن تريد إكراههم على الإيمان ، مع أنك لا تقدر عليه ، لأن الله تعالى يقدر عليه ولا يريده لأنه ينافي التكليف ، وأراد بذلك تسلية النبي صلىاللهعليهوآله وتخفيف ما يلحقه من التحسر والحرص على إيمانهم عنه « انتهى ».
وروى الصدوق رحمهالله في كتاب العيون بإسناده عن الرضا عليهالسلام أنه قال له المأمون : ما معنى قول الله جل ثناؤه : « وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ، وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ » فقال الرضا عليهالسلام : حدثني أبي عن آبائه عن علي بن أبي طالب عليهالسلام قال : إن المسلمين
__________________
(١) سورة القصص :٥٦.
(٢ـ٤) سورةيونس :٩٩.
(٣) سورة الشوري :٥٢.
(٥) سورة الشعراء :٤.