ذروا الناس فإن الناس أخذوا عن الناس وإنكم أخذتم عن رسول الله صلىاللهعليهوآله إني سمعت أبي عليهالسلام يقول إن الله عز وجل إذا كتب على عبد أن يدخل في هذا الأمر كان أسرع
______________________________________________________
قالوا لرسول الله صلىاللهعليهوآله : لو أكرهت يا رسول الله من قدرت عليه من الناس على الإسلام لكثر عددنا ، وقوينا على عدونا؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ما كنت لألقى الله ببدعة لم يحدث إلى فيها شيئا وما أنا من المتكلفين ، فأنزل الله تبارك وتعالى يا محمد صلىاللهعليهوآله « وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً » على سبيل الإلجاء والاضطرار في الدنيا كما يؤمن عند المعاينة ورؤية البأس في الآخرة ، ولو فعلت ذلك بهم لم يستحقوا مني ثوابا ولا مدحا ولكني أريد منهم أن يؤمنوا مختارين غير مضطرين ليستحقوا مني الزلفى والكرامة ، ودوام الخلود في جنة الخلد أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ، وأما قوله عز وجل : « وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ » فليس على تحريم الإيمان عليها ، ولكن على أنها ما كانت لتؤمن إلا بإذن الله ، وإذنه أمره لها بالإيمان ، ما كانت مكلفة متعبدة وإلجاؤه إياها إلى الإيمان عند زوال التكليف والتعبد عنها ، فقال المأمون : فرجت عني يا أبا الحسن فرج الله عنك.
« ذروا الناس » أي اتركوا المخالفين ولا تتعرضوا لمعارضتهم ومجادلتهم ، أو لدعوتهم أيضا تقية فإنهم أخذوا دينهم من الناس واتبعوهم وظنوا أن فعلهم وقولهم حجة ، فلا يتركون دينهم بقولكم ، وأنتم أخذتم دينكم عن رسول الله صلىاللهعليهوآله بواسطة المعصومين من أهل بيته عليهالسلام ، والغرض إما بيان المباينة بين المسلكين والبعد بين الطريقتين لبيان أن حجة الشيعة لا يؤثر فيهم فلا ينبغي لهم التعرض للمهالك لذلك أو هو تسلية للشيعة بأنكم لما كنتم على الحق فلا تبالوا بمخالفة من خالفكم ، أو الغرض أنه إن كان غرضكم هدايتهم فقد سبق أنه من الله ، وإن كان لتبين حجية مذهبكم فحجتكم واضحة لا نحتاج إلى ذلك.
وقيل : المعنى ذروا مخالطة الناس وموافقتهم ، فإنكم على الحق وإنهم على الباطل ، ولا يخفى بعده.