فقلت له ألك عين فقال يا بني أي شيء هذا من السؤال وشيء تراه كيف تسأل عنه فقلت هكذا مسألتي فقال يا بني سل وإن كانت مسألتك حمقاء قلت أجبني فيها قال لي سل.
قلت ألك عين قال نعم قلت فما تصنع بها قال أرى بها الألوان والأشخاص قلت فلك أنف قال نعم قلت فما تصنع به قال أشم به الرائحة قلت ألك فم قال نعم قلت فما تصنع به قال أذوق به الطعم قلت فلك أذن قال نعم قلت فما تصنع بها قال أسمع بها الصوت قلت ألك قلب قال نعم قلت فما تصنع به قال أميز به كل ما ورد على هذه الجوارح والحواس قلت أوليس في هذه الجوارح غنى عن القلب فقال لا قلت وكيف ذلك وهي صحيحة سليمة قال يا بني إن الجوارح إذا شكت في شيء شمته أو رأته أو ذاقته أو سمعته ردته إلى القلب فيستيقن اليقين ويبطل الشك قال هشام فقلت له :
______________________________________________________
لأنه ليست له جارحة مخصوصة ظاهرة ، أو لقلة الاشتباه فيه ، مع أنه يعرف بالمقايسة ، والمراد بالقلب النفس الناطقة المتعلقة أولا وبالذات بالروح الحيواني المنبعث عن القلب الصنوبري الذي نسبته إلى أعضاء الحس والحركة كنسبة النفس إلى قوي الحس والحركة في أنه ينبعث منه الدم والروح البخاري إلى سائر الأعضاء ، فالنفس رئيس القوي وإمامها ، والقلب وهو مستقرها وعرش استوائها بإذن الله رئيس سائر الأعضاء وإمامها ، أو المراد بالقلب القوة العقلية التي للنفس الإنسانية أو ما يشمل القوي الحسية الباطنة التي هي كالآلات للقوة العقلية في فكرتها وسائر تصرفاتها كما قيل.
وأما شك الحواس وغلطها فقيل : معناه أن العقل والوهم المشوب بالحس يغلط ، أو يشك بسبب من الأسباب ، ثم يعلم النفس بقوة العقل ما هو الحق المتيقن كما يرى البصر العظيم صغيرا لبعده ، والصغير كبيرا لقربه ، والواحد اثنين لحول في العين ، والشجرة التي في طرف الحوض منكوسة لانعكاس شعاع البصر من الماء إليها