« وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ » (١) قال نحن الأمة الوسطى ونحن شهداء الله على خلقه وحججه في أرضه قلت قول الله عز وجل : « مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ » (٢)
______________________________________________________
تعالى إيانا عنى بقوله : « لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ » فرسول الله شاهد علينا ، ونحن شهداء الله على خلقه وحجته في أرضه ، ونحن الذين قال الله : « وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً » وقوله : « لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ » فيه ثلاثة أقوال :
أحدها : لتشهدوا على الناس بأعمالهم التي خالفوا فيها الحق في الدنيا والآخرة ، كما قال تعالى : « وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ » (٣).
والثاني : لتكونوا حجة على الناس فتبينوا لهم الحق والدين ، ويكون الرسول شهيدا مؤديا للدين إليكم.
والثالث : أنهم يشهدون للأنبياء على أمهم المكذبين لهم بأنهم قد بلغوا ويكون الرسول عليكم شهيدا ، أي شاهدا عليكم بما يكون من أعمالكم ، وقيل : حجة عليكم ، وقيل : شهيدا لكم بأنكم قد صدقتم يوم القيامة فيما تشهدون به ، ويكون على بمعنى اللام كقوله : « وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ » (٤) انتهى.
وأقول : في بعض الروايات أنها نزلت : أئمة وسطا ، والحاصل أن الخطاب إنما توجه إلى الأئمة عليهالسلام أو إلى جميع الأمة باعتبار اشتمالهم علي الأئمة ، فكأن الخطاب توجه إليهم فقوله عليهالسلام : نحن الأمة الوسطى ، أن الأمة (٥) إنما اتصفوا بهذه الصفة بسببنا وهذا أظهر بالنظر إلى لفظ الآية ، والثاني أظهر بالنظر إلى الأخبار. « ونحن شهداء الله » أي في الآخرة أو الأعم منها ومن الدنيا « وحججه في أرضه » في الدنيا.
قوله تعالى : « مِلَّةَ أَبِيكُمْ » أقول : قبله : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا
__________________
(١) سورة البقرة : ١٤٣.
(٢) سورة الحج : ٧٨.
(٣) سورة الزمر : ٦٩.
(٤) سورة المائدة : ٣.
(٥) وفي نسخة « الأئمة » بدل « الأمة ».