كان أمير المؤمنين عليهالسلام باب الله الذي لا يؤتى إلا منه وسبيله الذي من سلك بغيره هلك وكذلك يجري الأئمة الهدى واحدا بعد واحد جعلهم الله أركان الأرض أن تميد بأهلها وحجته البالغة على من فوق الأرض ومن تحت الثرى وكان أمير المؤمنين صلوات الله عليه كثيرا ما يقول أنا قسيم الله بين الجنة والنار وأنا الفاروق
______________________________________________________
الشرك بالله أي في حكمه إذ لا واسطة بين الإيمان والشرك ، والكائن عليه مشرف على الدخول في الشرك كما ترى في كثير منهم كالمجسمة والمصورة والصفاتية وأضرابهم ، فإنهم أشركوا من حيث لا يعلمون.
« أن تميد » أي كراهية أن تميد أو من أن تميد ، بتضمين الأركان معنى الموانع ، وفي القاموس ماد يميد ميدا : تحرك وزاغ « انتهى ».
وفيه إيماء إلى أن المراد بالرواسي في قوله تعالى : « وَجَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ » (١) الأئمة عليهمالسلام في بطن القرآن ، والمراد بالميد إما ذهاب نظام الأرض واختلال أحوال أهلها كما يكون عند فقد الإمام قبل القيامة ، أو حقيقته بالزلازل الحادثة فيها.
وقيل : المراد بمن فوق الأرض الأحياء ، بمن تحت الثرى الأموات ، لأنهم الأشهاد يوم القيامة ، وقد مر منا الكلام فيهما.
قوله عليهالسلام : كثيرا ما يقول ، أي حينا كثيرا وما زائدة للتأكيد عند جميع البصريين ، وقيل : اسم نكرة صفة لكثير أو بدل منه ، وعلى التقادير يفهم منها التفخيم بالإبهام « أنا قسيم الله » أي القسيم المنصوب من قبل الله للتميز بين أهل الجنة وأهل النار بسبب ولايته وتركها ، أو هو الذي يقف بين الجنة والنار فيقسمهما بين أهلهما بسبب ولايته وعداوته كما دلت عليه صحاح الأخبار ، والأخبار بذلك متواترة من طرق الخاصة والعامة. قال في النهاية في حديث علي عليهالسلام : أنا قسيم النار ، أراد أن الناس فريقان فريق معي ، فهم على هدى ، وفريق على فهم ضلال ، فنصف معي في الجنة ونصف علي في النار ، وقسيم : فعيل بمعنى فاعل كالجليس والسمير « انتهى » « وأنا الفاروق » أي
__________________
(١) سورة الأنبياء : ٣١.