فيه تبيان كل شيء بين فيه الحلال والحرام والحدود والأحكام وجميع ما يحتاج إليه الناس كملا فقال عز وجل : « ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ » (١)
______________________________________________________
تعيينه باختيار الأمة بوجهين :
الأول : الآيات الدالة على أن الله تعالى أكمل الدين للأمة وبين لهم شرائعه وأحكامه ، وما يحتاجون إليه ، ومعلوم أن تعيين الإمام من الأمور المهمة في الدين بإجماع الفريقين ، ولذا اعتذر المخالفون للاشتغال بتعيين الإمام قبل تجهيز الرسول صلىاللهعليهوآله ، بأن تعيينه كان أهم من ذلك.
والثاني : أن للإمامة شرائط من العصمة والعلم بجميع الأحكام ، وغير ذلك مما لا يحيط به عقول الخلق ، فلا يعقل تفويضها إلى الأمة ، ولا بد من أن يكون الإمام منصوصا منصوبا من قبل الله تعالى ، ولا خلاف بين الأمة في أنه لم يقع النص على غير أئمتنا عليهمالسلام ، فلا بد من أن يكونوا منصوصين منصوبين للإمامة من الله ومن رسوله.
« فيه تبيان كل شيء » إشارة إلى قوله تعالى في سورة النحل : « وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ » ثم فسر ذلك بقوله : « بين فيه الحلال والحرام والحدود والأحكام وجميع ما يحتاج إليه الناس كملا » ولا ريب أن الإمامة وتعيين الإمام شيء مما يحتاج إليه الناس غاية الاحتياج ، وقال الجوهري يقال : أعطه هذا المال كملا أي كله.
« ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ » قال البيضاوي : « من » مزيدة وشيء في موضع المصدر لا المفعول به ، فإن فرط لا يعدي بنفسه ، وقد عدي بفي إلى الكتاب « انتهى » ووجه الاستدلال ما مر ، وهو مبني على كون المراد بالكتاب القرآن كما ذهب إليه أكثر المفسرين ، وقيل : المراد به اللوح ، ويحتمل الاستدلال بالآيتين وجها آخر ، وهو أنه تعالى أخبر بيان كل شيء في القرآن ، ولا خلاف في أن غير الإمام لا يعرف
__________________
(١) سورة الأنعام : ٣٨.