______________________________________________________
والانتقال ، وتبدل الجهات ، وتأط العرش تحته أطيط الرحل الجديد تحت الراكب الثقيل ، وهو يفصل عن العرش بقدر أربع أصابع ، ومنهم من قال : هو محاذ للعرش غير مماس له وبعده عنه بمسافة متناهية ، وقيل : بمسافة غير متناهية ، ولم يستنكف هذا القائل عن جعل غير المتناهي محصورا بين حاصرين ، ومنهم من تستر بالبلكفة (١) فقال : هو جسم لا كالأجسام وله حيز لا كالأحياز ، ونسبته إلى حيزه ليس كنسبة الأجسام إلى أحيازها ، وهكذا ينفي جميع خواص الجسم عنه حتى لا يبقى إلا اسم الجسم وهؤلاء لا يكفرون بخلاف المصرحين بالجسمية « انتهى ».
قال الشهرستاني : حكى الكعبي عن هشام بن الحكم أنه قال : هو جسم ذو أبعاض له قدر من الأقدار ، ولكن لا يشبه شيئا من المخلوقات ولا تشبهه ، ونقل عنه أنه قال : هو سبعة أشبار بشبر نفسه ، وأنه في مكان مخصوص ، وجهة مخصوصة وأنه يتحرك وحركته فعله ، وليست من مكان إلى مكان ، وقال : هو متناه بالذات غير متناه بالقدر ، وحكي عنه أبو عيسى الوراق أنه قال : أن الله تعالى مماس لعرشه لا يفضل عنه شيء من العرش ، ولا يفصل عنه شيء ، وقال هشام بن سالم : أنه تعالى على صورة إنسان أعلاه مجوف وأسفله مصمت ، وهو نور ساطع يتلألأ ، وله حواس خمس ويد ورجل وأنف وإذن ، وعين ، وفم ، وله وفرة سوداء ، هو نور أسود لكنه ليس بلحم ولا دم ، ثم قال : وغلا هشام بن الحكم في حق علي عليهالسلام ، حتى قال : إنه إله واجب الطاعة ، وهذا هشام بن الحكم صاحب غور في الأصول لا يجوز أن يغفل عن إلزاماته على المعتزلة ، فإن الرجل وراء ما يلزمه على الخصم ، ودون ما يظهره من التشبيه وذلك أنه ألزم العلاف ، فقال : إنك تقول إن الباري تعالى عالم بعلم ، وعلمه ذاته فيشارك المحدثات في أنه عالم بعلم ويباينها في أن علمه ذاته فيكون عالما لا كالعالمين ، فلم لا تقول هو جسم لا كالأجسام ، وصورة لا كالصور ، وأنه قدرة لا كالأقدار إلى غير ذلك.
__________________
(١) نسخة « بالبفكة » ولم أقف على معنى لها ـ على اختلاف النسخ ـ في كتب اللّغة.