« أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً » (١) يقولون لأئمة الضلالة والدعاة إلى النار « هؤُلاءِ أَهْدى » من آل محمد « سَبِيلاً أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ » يعني الإمامة والخلافة
______________________________________________________
الأمر منكم ، هكذا نزلت ، وكيف يأمرهم بطاعة أولي الأمر ويرخص لهم في منازعتهم ، إنما قيل ذلك للمأمورين الذين قيل لهم : « أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ».
أقول : فظهر أنه عليهالسلام شرع في تفسير الآيات المتقدمة على تلك الآية وبين نزولها فيهم عليهالسلام ليتضح نزول هذه الآية فيهم أشد إيضاح وأبينه.
« أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ » قال البيضاوي : نزلت في يهود كانوا يقولون إن عبادة الأصنام أرضى عند الله مما يدعو إليه محمد ، وقيل : في حيي بن أخطب وكعب بن الأشرف وفي جمع من اليهود خرجوا إلى مكة يحالفون قريشا على محاربة رسول الله ، فقالوا : أنتم أهل كتاب ، وأنتم أقرب إلى محمد منكم إلينا ، فلانا من مكركم فاسجدوا آلهتنا حتى نطمئن إليكم ففعلوا ، والجبت في الأصل اسم صنم فاستعمل في كل ما عبد من دون الله ، وقيل : أصله الجبس وهو الذي لا خير فيه ، فقلبت سينه تاء.
والطاغوت يطلق لكل باطل من معبود أو غيره « وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا » لأجلهم وفيهم « هؤلاء » إشارة إليهم « أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً » أي أقوم دينا وأرشد طريقا « فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً » يمنع العذاب عنه بشفاعة أو غيرها ، انتهى.
أقول : وعلى تأويله عليهالسلام الجبت والطاغوت : الأول والثاني ، « والذين كفروا » سائر خلفاء الجور ، ولا ينافي ذلك ما مر من نزول الآية ، لأن الله تعالى لما ذم المخالفين للرسول ولعنهم فهو جار فيمن خالف أهل بيته ، لأنهم القائمون مقامه.
« أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ » قال البيضاوي « أم » منقطعة ، ومعنى الهمزة إنكار
__________________
(١) سورة النساء : ٥١.