« اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ » (١) قال إيانا عنى.
______________________________________________________
عباس : من الصادقين ، وروي ذلك عن أبي عبد الله عليهالسلام ، ثم قال : أي مع الذين يصدقون في أخبارهم ولا يكذبون ، ومعناه كونوا على مذهب من يستعمل الصدق في أقواله ، وصاحبوهم ورافقوهم ، وقد وصف الله الصادقين في سورة البقرة بقوله : « وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ » إلى قوله « أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ » (٢) فأمر سبحانه بالاقتداء بهؤلاء ، وقيل : المراد بالصادقين هم الذين ذكرهم الله في كتابه وهو قوله : « رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ » يعني حمزة بن عبد المطلب وجعفر بن أبي طالب عليهالسلام « وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ » (٣) يعني علي بن أبي طالب ، وروى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : كونوا مع الصادقين ، مع علي وأصحابه ، وروى جابر عن أبي عبد الله عليهالسلام في قوله : « كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ » قال : مع آل محمد عليهمالسلام ، انتهى.
وأقول : التمسك بتلك الآية لإثبات الإمامة في المعصومين بين الشيعة معروف ، وقد ذكره المحقق الطوسي طيب الله روحه القدوسي في كتاب التجريد ، ووجه الاستدلال بها أن الله أمر كافة المؤمنين بالكون مع الصادقين ، وظاهر أن ليس المراد به الكون معهم بأجسادهم بل المعنى لزوم طرائقهم ومتابعتهم في عقائدهم وأقوالهم وأفعالهم ، ومعلوم أن الله تعالى لا يأمر عموما بمتابعة من يعلم صدور الفسق والمعاصي عنه ، مع نهيه عنها ، فلا بد من أن يكونوا معصومين لا يخطئون في شيء حتى تجب متابعتهم في جميع الأمور ، وأيضا اجتمعت الأمة على أن خطاب القرآن عام لجميع الأزمنة لا يختص بزمان دون زمان ، فلا بد من وجود معصوم في كل زمان ليصح أمر مؤمني كل زمان بمتابعتهم.
فإن قيل : لعلهم أمروا في كل زمان بمتابعة الصادقين الكائنين في زمن الرسول صلىاللهعليهوآله ، فلا يتم وجود المعصوم في كل زمان.
قلنا : لا بد من تعدد الصادقين أي المعصومين لصيغة الجمع ، ومع القول بالتعدد
__________________
(١) سورة التوبة : ١٢٠.
(٢) سورة : البقرة ١٧٧.
(٣) سورة الأحزاب : ٢٣.