الخالق من المخلوق ولا المنشئ من المنشإ لكنه المنشئ فرق بين من جسمه وصوره وأنشأه إذ كان لا يشبهه شيء ولا يشبه هو شيئا قلت أجل جعلني الله فداك لكنك قلت الأحد الصمد وقلت لا يشبهه شيء والله واحد والإنسان واحد أليس قد تشابهت الوحدانية قال يا فتح أحلت ثبتك الله إنما التشبيه في المعاني فأما في الأسماء فهي واحدة وهي دالة على المسمى وذلك أن الإنسان وإن قيل واحد
______________________________________________________
ارتباطا يصحح الحمل والقول عليه ، والمراد بالخلق إما مطلق الإيجاد ، فقوله : ولا المنشئ ، من المنشأ كالمفسر والمؤكد له ، أو المراد به التقدير والتصوير ، فقوله : ولا المنشأ تعميم ، والضمير في لكنه إما للشأن أو راجع إليه سبحانه.
قوله : فرق ، إما اسم أي الفرق والامتياز لازم بينه سبحانه وبين من جسمه أي أوجده جسما ، أو أعطاه حقيقة الجسمية ، وصوره أي أوجده متصورا بصورة خاصة وأنشأه من العدم ، فقوله : إذ كان تعليل لعدم المعرفة أو الفرق ، أو فعل ، أي فرق وباين بين المهيات وصفاتها ولوازمها ، وجعل لكل منها حقيقة خاصة وصفة مخصوصة فقوله : « إذ » يحتمل الظرفية والتعليل ، فعلى الأول ، المعنى : أنه خلقها في وقت لم يكن متصفا بشيء من تلك الحقائق والصفات ، ولم يكن في شيء منها شبيها بالمخلوقات وعلى الثاني لعل المعنى أنه أعطى المخلوقات المهيات المتباينة والصفات المتضادة لأنه لم يكن يشبهه شيئا منها ، إذ لو كان متصفا بأحد تلك الأضداد لم يكن معطيا لضدها ، إذ لو كان حارا مثلا لم يكن معطيا ومفيضا للبرودة ، فلما لم يكن متصفا بشيء منهما صار علة لكل منهما فيما يستحقه من المواد ، وأيضا لو كان مشاركا لبعضها في المهية لم يكن معطيا تلك المهية غيره ، وإلا لزم كون الشيء علة لنفسه.
قوله عليهالسلام : أحلت ، أي أتيت بالمحال وقلت به ، ثبتك الله ، أي على الحق.
قوله عليهالسلام : إنما التشبيه بالمعاني ، أي التشبيه الممنوع منه إنما هو تشبيه معنى حاصل فيه تعالى بمعنى حاصل للخلق ، لا محض إطلاق لفظ واحد عليه تعالى ، وعلى الخلق بمعنيين متغايرين ، أو المعنى أنه ليس التشبيه هنا في كنه الحقيقة والذات ،