فإنه يخبر أنه جثة واحدة وليس باثنين والإنسان نفسه ليس بواحد لأن أعضاءه مختلفة وألوانه مختلفة ومن ألوانه مختلفة غير واحد وهو أجزاء مجزاة ليست بسواء دمه غير لحمه ولحمه غير دمه وعصبه غير عروقه وشعره غير بشره وسواده غير بياضه وكذلك سائر جميع الخلق فالإنسان واحد في الاسم ولا واحد في المعنى والله جل جلاله هو واحد لا واحد غيره لا اختلاف فيه ولا تفاوت ولا زيادة ولا نقصان فأما الإنسان المخلوق المصنوع المؤلف من أجزاء مختلفة وجواهر شتى غير أنه بالاجتماع شيء واحد قلت جعلت فداك فرجت عني فرج الله عنك فقولك « اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ » فسره لي كما فسرت الواحد فإني أعلم أن لطفه على خلاف لطف خلقه للفصل غير أني أحب أن تشرح ذلك لي فقال يا فتح إنما قلنا اللطيف للخلق اللطيف ولعلمه
______________________________________________________
وإنما التشبيه في المفهومات الكلية التي هي مدلولات الألفاظ ، وتصدق عليه سبحانه كما مر تحقيقه ، فأما في الأسماء فهي واحدة ، أي الأسماء التي تطلق عليه تعالى ، وعلى الخلق واحدة ، لكنها لا توجب التشابه ، إذ الأسماء دالة على المسميات ، وليس عينها حتى يلزم الاشتراك في حقيقة الذات والصفات ، ثم بين عليهالسلام عدم كون التشابه في المعنى في اشتراك لفظ الواحد بينه وبين خلقه تعالى ، بأن الوحدة في المخلوق هي الوحدة الشخصية التي تجتمع مع أنواع التكثرات ، وليست إلا تألف أجزاء واجتماع أمور متكثرة ، ووحدته سبحانه هي نفي التجزي والكثرة والتعدد عنه سبحانه مطلقا ، وقوله عليهالسلام : فأما الإنسان ، فيحتمل أن يكون كل من المخلوق والمصنوع والمؤلف والظرف خبرا ، وإن كان الأول أظهر.
قوله عليهالسلام : للفصل ... بالصاد المهملة ، أي للفرق الظاهر بينه وبين خلقه ، أو بالمعجمة أي لما بينت من فضله على المخلوق.
قوله عليهالسلام : إنما قلنا اللطيف ، قيل : إن اللطيف هو الشيء الدقيق ، ثم استعمل فيما هو سبب ، ومبدء للدقيق من القوة على صنعه والعلم به ، فيقال لعامله : إنه دق ولطف بصنعه ، وهو صانع دقيق في صنعه ، والعالم به أنه دق ولطف بدركه ،