بالشيء اللطيف أولا ترى وفقك الله وثبتك إلى أثر صنعه في النبات اللطيف وغير اللطيف ومن الخلق اللطيف ومن الحيوان الصغار ومن البعوض والجرجس وما هو أصغر منها ما لا يكاد تستبينه العيون بل لا يكاد يستبان لصغره الذكر من الأنثى والحدث المولود من القديم فلما رأينا صغر ذلك في لطفه واهتداءه للسفاد والهرب من الموت والجمع لما يصلحه وما في لجج البحار وما في لحاء الأشجار والمفاوز والقفار وإفهام بعضها عن بعض منطقها وما يفهم به أولادها عنها ونقلها الغذاء إليها ثم تأليف ألوانها حمرة مع صفرة وبياض مع حمرة وأنه ما لا تكاد عيوننا تستبينه لدمامة خلقها لا تراه عيوننا ولا تلمسه أيدينا علمنا أن خالق هذا الخلق لطيف لطف بخلق ما سميناه
______________________________________________________
وهو عالم دقيق في دركه. وقوله عليهالسلام ولعلمه : ليس الواو في بعض النسخ فهو بدل للخلق أو علة له ، وقال الجوهري : صغر الشيء فهو صغير وصغار بالضم ، وقال : الجرجس : البعوض الصغار فهو من قبيل عطف الخاص على العام.
قوله عليهالسلام : في لطفه ، أي مع لطف ذلك المخلوق أو بسبب لطفه سبحانه والسفاد بالكسر : نزو الذكر على الأنثى ، ولجة البحر معظمه ، واللحاء بالكسر والمد : قشر الشجر ، و « إفهام » إما بالكسر أو بالفتح ، ويؤيد الأخير ما في العيون : وفهم بعض عن بعض ، وقال السيد الداماد رحمهالله : الدمامة بفتح الدال المهملة وبميمين عن حاشيتي الألف : القصر والقبح ، يقال رجل دميم وبه دمامة إذا كان قصير الجثة ، حقير الجثمان قبيح الخلقة ، وأما الذمامة بإعجام الذال بمعنى القلة ، من قولهم بئر ذمة بالفتح أي قليل الماء ، وفي هذا المقام تصحيف « انتهى ».
وأقول : فلما كان لسائل أن يقول : اللطف بهذا المعنى أيضا يطلق على المخلوق فيقال : صانع لطيف ، فأشار عليهالسلام إلى جواب ذلك بقوله : بلا علاج ولا أداة ولا آلة ، والحاصل أن لطفه سبحانه ليس على ما يعقل في المخلوقين ، بأي معنى كان ، بل يرجع إلى نفي العجز عن خلق الدقيق ، ونفي الجهل بالدقيق ، فأما كيفية خلقه وكنه علمه