ولكن قائم يخبر أنه حافظ كقول الرجل القائم بأمرنا فلان والله هو القائم على كل نفس بما كسبت والقائم أيضا في كلام الناس الباقي والقائم أيضا يخبر عن الكفاية كقولك للرجل قم بأمر بني فلان أي اكفهم والقائم منا قائم على ساق فقد جمعنا الاسم ولم نجمع المعنى.
وأما اللطيف فليس على قلة وقضافة وصغر ولكن ذلك على النفاذ في الأشياء والامتناع من أن يدرك كقولك للرجل لطف عني هذا الأمر ولطف فلان في مذهبه وقوله يخبرك أنه غمض فيه العقل وفات الطلب وعاد متعمقا متلطفا لا يدركه الوهم فكذلك لطف الله تبارك وتعالى عن أن يدرك بحد أو يحد بوصف واللطافة منا الصغر والقلة فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى.
وأما الخبير فالذي لا يعزب عنه شيء ولا يفوته ليس للتجربة ولا للاعتبار بالأشياء فعند التجربة والاعتبار علمان ولو لا هما ما علم لأن من كان كذلك كان جاهلا والله لم يزل خبيرا بما يخلق والخبير من الناس المستخبر عن جهل المتعلم فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى.
______________________________________________________
قوله عليهالسلام : وفات الطلب ، أي فات ذلك الشيء عن الطلب فلا يدركه الطلب ، أو فات عن العقل الطلب فلا يمكنه طلبه ، ويحتمل على هذا أن يكون الطلب بمعنى المطلوب « وعاد » أي العقل أو الوهم على التنازع ، أو ذلك الشيء فالمراد أنه صار ذا عمق ولطافة ودقة لا يدركه الوهم لبعد عمقه وغاية دقته ، وتفصيله : أنه يمكن أن يقرأ الطلب مرفوعا ومنصوبا ، فعلى الأول يكون فات لازما أي ضاع وذهب الطلب ، وعلى الثاني فضمير الفاعل إما راجع إلى الأمر المطلوب ، أي لا يدرك الطلب ذلك الأمر كما ورد في الدعاء « لا يفوته هارب » أو إلى العقل على الوجهين المذكورين ، وربما يحمل الطلب على الطالب بإرجاع ضمير الفاعل إلى الأمر ، وربما يقال : يعود ضمير الفاعل في عاد إلى الطلب ، وتقدير القول في قوله : لا يدركه وهم ، أي يعود الطلب أو الطالب متعمقا متلطفا قائلا لا يدركه وهم ، ولا يخفى بعده ، وسنام كل شيء : أعلاه