أمير المؤمنين عليهالسلام استنهض الناس في حرب معاوية في المرة الثانية فلما حشد الناس قام خطيبا فقال :
الحمد لله الواحد الأحد الصمد المتفرد الذي لا من شيء كان ولا من شيء خلق ما كان قدرة بان بها من الأشياء وبانت الأشياء منه فليست له صفة تنال ولا حد تضرب له فيه الأمثال كل دون صفاته تحبير اللغات وضل هناك تصاريف الصفات
______________________________________________________
قوله : حشد ، أي جمع ، وفي بعض النسخ بالراء بمعناه.
قوله عليهالسلام : المتفرد ، أي في الخلق والتدبير أو بسائر الكمالات ، « ولا من شيء خلق » أي ليس إحداثه للأشياء موقوفا على مادة أو شيء ليس هو موجده.
قوله عليهالسلام : قدرة ، أي له قدرة ، أو هو عين القدرة بناء على عينية الصفات ، وقيل : نصب على التميز ، أو على أنه منزوع الخافض ، أي ولكن خلق الأشياء قدرة ، أو بقدرة ، وفي التوحيد : قدرته فهو مبتدأ « وبأن بها » خبره أو خبره « كافية » ، فكانت جملة استئنافية ، فكأن سائلا سئل وقال : فكيف خلق لا من شيء؟ فأجاب بأن قدرته كافية.
قوله : ولا حد ، أي جسماني أو عقلي ، أو ليس لمعرفة ذاته وصفاته تعالى حد ونهاية حتى يضرب له فيه الأمثال ، إذ الأمثال إنما تصح إذا كان له مشابهة بالممكنات أو مناسبة بينه وبين المدركات بالعقول والمشاعر ، والكلال : العجز والإعياء ، والتحبير التحسين أي أعيى قبل الوصول إلى بيان صفاته أو عنده تزيين الكلام باللغات البديعة الغريبة « وضل هنالك » أي في ذاته تعالى أو في توصيفه بصفاته صفات تصاريف صفات الواصفين ، وأنحاء تعبيرات العارفين ، أو ضل وضاع في ذاته الصفات المتغيرة الحادثة فيكون نفيا للصفات الحادثة عنه تعالى ، أو مطلق الصفات ، أي ليس في ذاته التغيرات الحاصلة من عروض الصفات المتغايرة ، فيكون نفيا لزيادة الصفات مطلقا ، كل ذلك أفاده الوالد العلامة قدس الله روحه « في ملكوته » فعلوت من الملك ، وقد يخص بعالم الغيب وعالم المجردات ، والملك بعالم الشهادة وعالم الماديات ، وأفكر في الشيء وفكر