______________________________________________________
ثم اعلم أن حاصل هذا الاستدلال هو أنه قد ثبت أن الله سبحانه أنزل القرآن في ليلة القدر على نبيه صلىاللهعليهوآله وأنه كان ينزل الملائكة والروح فيها من كل أمر ببيان وتأويل سنة فسنة ، كما يدل عليه فعل المستقبل الدال على التجدد الاستمراري ، فنقول : هل كان لرسول الله صلىاللهعليهوآله طريق إلى العلم الذي يحتاج إليه الأمة سوى ما يأتيه من السماء من عند الله سبحانه إما ليلة القدر أو في غيرها أم لا ، والأول باطل لقوله تعالى : « إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحى » (١) فثبت الثاني ، ثم يقول : فهل يجوز أن لا يظهر هذا العلم الذي يحتاج إليه الأمة أم لا بد من ظهوره لهم ، والأول باطل لأنه إنما يوحى إليه ليبلغ إليهم ويهديهم الله عز وجل ، فثبت الثاني ثم نقول : فهل لذلك العلم النازل من السماء من عند الله إلى الرسول اختلاف بأن يحكم في زمان بحكم ثم يحكم في ذلك الأمر بعينه في ذلك الزمان بعينه بحكم آخر أم لا؟ والأول باطل لأن الحكم إنما هو من عند الله عز وجل ، وهو متعالي عن ذلك كما قال تعالى : « وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً » (٢) ثم نقول فمن حكم بحكم فيه اختلاف كالاجتهادات المتناقضة هل وافق رسول الله صلىاللهعليهوآله في فعله ذلك أم خالفه ، والأول باطل لأنه صلىاللهعليهوآله لم يكن في حكمه اختلاف ، فثبت الثاني ، ثم نقول : فمن لم يكن في حكمه اختلاف فهل له طريق إلى ذلك الحكم من غير جهة الله إما بغير واسطة أو بواسطة ، ومن دون أن يعلم تأويل المتشابه الذي يقع بسببه الاختلاف أم لا؟ والأول باطل فثبت الثاني ثم نقول : فهل يعلم تأويل المتشابه إلا الله والراسخون في العلم الذين ليس في علمهم اختلاف أم لا؟ والأول باطل لقوله تعالى : « وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ » (٣) ثم نقول فرسول الله صلىاللهعليهوآله الذي هو من الراسخين هل مات صلىاللهعليهوآله وذهب بعلمه ذلك ولم يبلغ طريق علمه بالمتشابه إلى خليفته أم بلغه؟ والأول باطل ، لأنه لو فعل ذلك
__________________
(١) سورة النجم : ٤.
(٢) سورة النساء : ٨٢.
(٣) سورة آل عمران : ٧.