تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ » (١) مما خص به علي عليهالسلام « وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ » قال في أبي فلان
______________________________________________________
قوله : مما خص علي عليهالسلام به ، هذا من كلام أبي جعفر عليهالسلام ، ففي الكلام حذف يعني قال : مما خص علي به ، يعني الخلافة والإمامة ، وكأنه سقط من النساخ ، ويحتمل أن يكون من كلام إلياس عليهالسلام.
قوله : قال في أبي فلان وأصحابه ، أقول : هذا الكلام يحتمل وجوها من التأويل :
الأول : ما خطر ببالي القاصر وهو أن الآية نزلت في أبي بكر وأصحابه يعني عمر وعثمان. والخطاب معهم ، فقوله : « لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ » أي لا تحزنوا على ما لكم من النص والتعيين للخلافة والإمامة ، وخص علي عليهالسلام به حيث نص الرسول صلىاللهعليهوآله بالخلافة عليه وحرمكم عنها « وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ » من الخلافة الظاهرية بعد الرسول صلىاللهعليهوآله أي خلاكم وإرادتكم ولم يجبركم على تركها ، ومكنكم من غصبها من مستحقها « واحدة مقدمة » أي قوله : لا تأسوا ، إشارة إلى قضية متقدمة وهي النص بالخلافة في حياة الرسول صلىاللهعليهوآله « وواحدة مؤخرة » أي قوله : ولا تفرحوا ، إشارة إلى واقعة مؤخرة وهي غصب الخلافة بعد الرسول صلىاللهعليهوآله ، ولا يخفى شدة انطباق هذا التأويل على الآية فإنه يصير حاصلها هكذا : ما تحدث مصيبة وقضية في الأرض وفي أنفسكم إلا وقد كتبناها والحكم المتعلق بها في كتاب من قبل أن تخلق المصيبة أو الأنفس لكيلا تأسوا على ما فاتكم من الخلافة وتعلموا أن الخلافة لا يستحقها إلا من تنزل عليه الملائكة والروح بالوقائع والأحكام المكتوبة في ذلك الكتاب ، ولا تفرحوا بما يتيسر لكم من الخلافة وتعلموا أنكم لا تستحقونه وأنه غصب ، وسيصيبكم وباله ، فظهر أن ما ذكره الباقر عليهالسلام قبل ذلك السؤال أيضا كان إشارة إلى تأويل صدر تلك الآية ، فلذا سئل إلياس عليهالسلام عن تتمة الآية ، ويحتمل وجها آخر مع قطع النظر عما أشار إليه أو لا بأنا قدرنا المصائب الواردة على الأنفس قبل خلقها ، وقدرنا الثواب على من وقعت عليه والعقاب على من تسبب لها ، لكيلا تأسوا على ما فاتكم وتعلموا أنها لم تكن مقدرة لكم فلذا لم يعطكم الرسول صلىاللهعليهوآله « وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ » للعقاب
__________________
(١) سورة الحديد : ٢٣.