تخبرك بولايتها لك في الدنيا والآخرة مع الأمن من الخوف والحزن قال فقال إن الله تبارك وتعالى يقول « إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ » (١) وقد دخل في هذا جميع الأمة فاستضحكت.
ثم قلت صدقت يا ابن عباس أنشدك الله هل في حكم الله جل ذكره اختلاف قال فقال لا فقلت ما ترى في رجل ضرب رجلا أصابعه بالسيف حتى سقطت ثم ذهب وأتى رجل آخر فأطار كفه فأتي به إليك وأنت قاض كيف أنت صانع قال أقول لهذا القاطع أعطه دية كفه وأقول لهذا المقطوع صالحه على ما شئت وأبعث به إلى ذوي عدل قلت جاء الاختلاف في حكم الله عز ذكره ونقضت القول الأول
______________________________________________________
رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ » (٢) فيظهر منه أنه عليهالسلام فسر الآية بأن هذا الخطاب من الملائكة يكون في الدنيا بحيث يسمعون كلامهم ، وذهب جماعة إلى أن الخطاب في الدنيا وهم لا يسمعون ، أو عند الموت وهم يسمعون وما ذكره عليهالسلام ألصق بالآية فالمراد بالاستقامة الاستقامة على الحق في جميع الأقوال والأفعال ، وهو ملزوم العصمة.
قوله عليهالسلام : « صدقت » أي في قولك « إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ » لكن لا ينفعك إذ الأخوة لا يستلزم الاشتراك في جميع الكمالات ، أو قال ذلك على سبيل المماشاة والتسليم ، أو على سبيل التهكم ، وضحكه عليهالسلام لوهن كلامه وعدم استقامته.
قوله « وابعث به إلى ذوي عدل » أقول : سيأتي هذا الجزء من الخبر في كتاب الديات ، وفيه « أو ابعث إليها ذوي عدل » ولعل البعث للأرش كما قال به ابن إدريس وبعض أصحابنا حيث رد والخبر بالضعف وقالوا بثبوت الأرش ، بأن يفرض كونه عبدا مقطوع الأصابع ، ثم عبدا مقطوع اليد وينسب التفاوت إلى دية الحر ، فحكمه أولا على القاطع بإعطاء تمام الدية على الاحتياط من طرف الجاني ، أو البعث لتقويم الأصابع ليسقط من دية اليد ، فيكون قولا آخر لم يقل به أحد ، والاختلاف إما بين
__________________
(١) سورة فصلت : ٣.
(٢) سورة فصلت : ٣٠.