الله عز وجل ومن حكم بأمر فيه اختلاف فرأى أنه مصيب فقد حكم بحكم الطاغوت إنه لينزل في ليلة القدر إلى ولي الأمر تفسير الأمور سنة سنة يؤمر فيها في أمر نفسه بكذا وكذا وفي أمر الناس بكذا وكذا وإنه ليحدث لولي الأمر سوى ذلك كل يوم علم الله عز وجل الخاص والمكنون العجيب المخزون ـ مثل ما ينزل في تلك الليلة من الأمر ثم قرأ « وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ
______________________________________________________
بما لا يحتمل غير معناه كما هو المشهور في تفسيره ، لأنه هو الذي ليس بشيئين إنما هو شيء واحد لا اختلاف فيه ، وأما الذي يحتمان غير معناه فهو شيئان ولا بد فيه من الاختلاف.
وأقول : الحكيم فعيل بمعنى المفعول ، أي المعلوم اليقيني ، من حكمه كنصره إذا أتقنه ومنعه عن الفساد كأحكمه ، والمراد بشيئين أمران متنافيان كما يكون في المظنونات ، فيدل ما في سورة الدخان وما في سورة القدر على أن الحكم النازل من عنده سبحانه في ليلة القدر هو الحكم اليقيني الحتمي الواقعي ، ولا بد من عالم بذلك الحكم وإلا فلا فائدة في إنزاله ، وليس العالم بذلك إلا الإمام المعصوم المؤيد من عند الله سبحانه ، فيدل على أنه لا بد في كل عصر إلى انقراض التكليف من إمام مفترض الطاعة عالم بجميع أمور الدين ، دقيقها وجليلها و « الطاغوت » الشيطان والأوثان وكل ما عبد من دون الله أو صد عن عبادة الله أو أطيع بغير أمر الله ، فعلوت من الطغيان ، قلبت عينه ولامه والمراد بالعلم الخاص ، العلم اللدني المتعلق بمعرفة الله سبحانه وصفاته وغير ذلك مما لم يتعلق بأفعال العباد كما مر ، وبالمكنون العجيب المخزون إما خصوصيات الحوادث والأمور البدائية وأسرار القضاء أو الأعم منها ومما لا يصل إليه عقول أكثر الخلق من غوامض الأسرار والحقائق ، كما قال أمير المؤمنين عليهالسلام « اندمجت على مكنون علم لو بحت به لاضطربتم اضطراب الأرشية في الطوي البعيدة (١) ».
« وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ » قال البيضاوي : أي ولو ثبت كون الأشجار أقلاما ، وتوحيد شجرة ، لأن المراد تفصيل الآحاد « وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ
__________________
(١) رواه الشريف الرضي قدسسره الشريف في نهج البلاغة في الخطب ( الخطبة الخامسة ).