الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ » (١) يقول في الآية الأولى إن محمدا حين يموت يقول أهل الخلاف لأمر الله عز وجل مضت ليلة القدر مع رسول الله صلىاللهعليهوآله فهذه فتنة أصابتهم
______________________________________________________
مضوا ، فإذا مضى لم يمض معه الدين حتى تنقلبوا بعده كفارا ، أف لكم ولأيمانكم ، كلا بل الدين باق بعده والأمر وصاحب الأمر باق ، وليلة القدر باقية ، وتنزل الملائكة والروح فيها على صاحب الأمر باق ما بقيت الدنيا وأهلها ، وأنه يكون بعد الرسول صلىاللهعليهوآله خليفة بعد خليفة ووصي بعد وصي ونزول أمر بعد نزول أمر.
فقوله عليهالسلام : « يقول في الآية الأولى » إلى آخره ، إشارة إلى ما قلناه ، وبيان لارتباط إحدى الآيتين بالأخرى ، وتنبيه على أن الذين ظلموا في الأولى هم المشار إليهم بالانقلاب على الأعقاب في الثانية بالحقيقة ، وقوله عليهالسلام « أهل الخلاف لأمر الله » إشارة إلى أصحاب الفتنة الأولى ، وقوله : « بها ارتدوا » إشارة إلى أنهم في الحقيقة هم المرتدون في تلك الغزوة على أعقابهم ، وأنهم بهذه الفتنة ارتدوا ، وقوله : « لأنهم إن قالوا » تعليل لقولهم يمضي ليلة القدر ، وارتدادهم عن الدين وذلك لأنهم إن اعترفوا ببقاء ليلة القدر فلا بد لهم من الاعتراف بالحق كما بينه عليهالسلام.
وبعبارة أخرى لعل المراد بالذين ظلموا الثلاثة الغاصبون للخلافة ، فإنهم ظلموا آل محمد صلىاللهعليهوآله وغصبوا حقوقهم ، وكونهم محل نزول الملائكة والروح ، وكون إنا أنزلناه في ليلة القدر نازلا فيهم ، فأنكروا النص جهارا وكفروا وارتدوا ، وهم الذين ارتدوا يوم أحد بظنهم أن الرسول صلىاللهعليهوآله قد قتل ، فأظهروا الكفر وولوا وفروا ، وعزموا على أن يتركوا الدين بالكلية ولم يقروا بخليفة بعد الرسول صلىاللهعليهوآله يقوم به الدين ، والفتنة التي شملت غيرهم هو اشتباه الأمر عليهم ، وتمسكهم بالبيعة الباطلة والإجماع المفتري كما بقي الناس إلى هذا الزمان ، فالتحذير إنما هو عن هذه الفتنة ، وقيل : المراد بالذين ظلموا المشركون صريحا والمنافقون ، وذلك لأنهم لا يصدقون بليلة القدر في عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله أصلا فلا يقولون بذهابها بعد رسول الله
__________________
(١) سورة آل عمران : ١٣٨.