ص يا معشر الشيعة يقول الله تبارك وتعالى : « وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلا فِيها نَذِيرٌ » (١) قيل يا أبا جعفر نذيرها محمد صلىاللهعليهوآله قال صدقت فهل كان نذير وهو حي من البعثة في أقطار الأرض فقال السائل لا قال أبو جعفر عليهالسلام : أرأيت بعيثه أليس نذيره كما أن رسول الله صلىاللهعليهوآله في بعثته من الله عز وجل نذير فقال بلى قال :
______________________________________________________
الآيات إنما هي للأئمة المعصومين بعد النبي صلوات الله عليه وعليهم وفي شأنهم ، ليست لغيرهم يعني هذا الإنزال إنما هو عليهم بعده ، وهذا الإنذار إنما يكون بهم بعده وإرسال الأمر المذكور فيهما إنما هو إليهم خاصة.
« وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلا فِيها نَذِيرٌ » قال الفيروزآبادي نذر بالشيء كفرح علمه فحذره وأنذره بالأمر إنذارا وبضم وبضمتين ، ونذيرا : أعلمه وحذره وخوفه في إبلاغه والنذير والإنذار والمنذر « انتهى » والمعنى ما من أهل عصر من الماضين إلا مضى فيهم إمام علمهم بكل أمر ، فكيف يكون أهل هذا العصر بدون نذير ، وكذلك أهل الأعصار الآتية إلى انقراض التكليف « نذيرها محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم » ضمير نذيرها إما راجع إلى الأمة في زمان نزول الآية فالكلام على الاستفهام وقوله عليهالسلام : « صدقت » ظاهر ، أو إلى جميع الأمة فيكون غرض السائل الاعتراض بأنه يكفي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم نذيرا لجميع الأمة فتصديقه لأصل كونه صلىاللهعليهوآلهوسلم نذيرا لجميع الأمة لكن بتوسط جماعة من المنذرين بواسطة في حياته وبعد وفاته.
والحاصل أنه عليهالسلام أخذ في الاحتجاج على السائل للاضطرار إلى النذير في كل قرن حتى في قرنه ، فقال : « فهل كان نذير وهو حي من البعثة » وهي بالتحريك جمع بعيث بمعنى المبعوث أو بالكسر مصدر « في أقطار الأرض » أي كون النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم نذيرا يستلزم أن يعين جماعة للإنذار من قبله ، لأنه لم يكن يمكنه أن ينذر جميع الأمة بنفسه ، فالصحابة الذين كان يبعثهم لهداية الخلق كانوا نذراء من قبله كما أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم نذير من قبل الله فلما سلم السائل المقدمتين ألزمه عليهالسلام بأنه لا بد أن يكون له نائب في الإنذار بعد وفاته أيضا وإلا لم ينذر جميع الأمة ، مع أنه مبعوث إلى جميعهم ، فيلزم
__________________
(١) سورة الفاطر : ٢٢.