الناس أبى الله عز وجل أن يكون في حكمه اختلاف أو بين أهل علمه تناقض.
ثم قال أبو جعفر عليهالسلام فضل إيمان المؤمن بجملة ـ إنا أنزلناه وبتفسيرها على من ليس مثله في الإيمان بها كفضل الإنسان على البهائم وإن الله عز وجل ليدفع بالمؤمنين بها عن الجاحدين لها في الدنيا لكمال عذاب الآخرة لمن علم أنه لا يتوب منهم ما يدفع بالمجاهدين عن القاعدين ولا أعلم أن في هذا الزمان جهادا إلا الحج والعمرة والجوار.
______________________________________________________
متوجها إلى جميع المؤمنين فيكون شهادتهم عليهمالسلام داخلة في شهادة الرسول ، ويكون شهادتهم على الناس إشارة إلى الشهادتين الأخيرتين معا ، وإن جعلناه متوجها إلى الأئمة فذكر شهادة الشيعة استطرادي أو شهادة الشيعة بمنزلة شهادتهم وداخلة فيها.
قوله عليهالسلام : « فضل إيمان المؤمن » أي فضل المؤمن من حيث الإيمان ، أو يقدر مضاف في قوله « على من ليس مثله » أي على إيمان من ليس مثله « لكمال عذاب الآخرة » أي إنما يدفع عنهم في الدنيا ليكمل لهم العذاب في الآخرة.
« لمن علم » أي كون الدفع لكمال عذاب الآخرة وشدته إنما هو لمن علم أنه لا يتوب ، وأما من علم أنه يتوب فإنما يدفع لعلمه بأنه يتوب.
ولما ذكر الجهاد هنا وفي الآية المشار إليها سابقا ، وكان مظنة أن يفهم السائل وجوب الجهاد في زمانه عليهالسلام مع عدم تحقق شرائطه مع المخالفين ، أو مع من يخرج من الجاهلين أزال عليهالسلام ذلك التوهم بقوله : « ولا أعلم » أي هذه الأعمال قائمة مقام الجهاد لمن لم يتمكن عنه ، أو قوله تعالى : « جاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ » شاملة لهذه الأمور أيضا ، والمراد بالجوار المحافظة على الذمة والأمان ، أو رعاية حق المجاورين في المنزل ، أو مطلق المجاورين والمعاشرين والتقية منهم وحسن المعاشرة معهم والصبر على أذاهم ، وقيل : كأنه عليهالسلام شبه العبادات الثلاث بالجهاد لما فيها من جهاد النفس على مشاقها ، ولا سيما ما يتحمل من أذى الأعداء الجاهلين للحق ، وقيل : المراد بالجوار مجاورة العلماء وكسب التفقه في الدين ولا يخفى بعده.