٢٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي حمزة قال سمعت علي بن الحسين عليهالسلام يقول عجب كل العجب لمن أنكر الموت وهو يرى من يموت كل يوم وليلة والعجب كل العجب لمن أنكر النشأة الأخرى وهو يرى النشأة الأولى.
______________________________________________________
الحديث الثامن والعشرون : حسن.
قوله عليهالسلام : « لمن أنكر الموت ». قد يطلق الإنكار على عدم العمل بمقتضى العلم بالشيء فكأنه ينكره ، فيحتمل أن يكون هذا هو المراد هنا أي لا يستعد للموت ولا يعمل لما بعده إذ إنكار الموت لا يكون من أحد إلا أن يكون المراد بإنكاره إنكار تعجيل وروده عليه بطول الأمل.
قوله عليهالسلام : « وهو يرى النشأة الأولى » أي إذا رأى قدرة الله على الإبداع فقدرته على الإعادة أهون كما قال تعالى « قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ » (١) ويحتمل أن يكون المعنى أن العاقل إذا رأى النشأة الأولى وكون لذاتها مخلوطة بأنواع الكدورات والآلام وتسلط الظالمين على المظلومين وعدم تدارك ظلمهم كما ينبغي في تلك الدار وعدم عود جزاء المحسنين إليهم فيها لا بد له أن يذعن بأن الحكيم لم يخلقهم لتلك النشأة فقط ولا بد من نشأة أخرى تكون لذاتها خالصة ويكون مثوبات المؤمنين وعقوبات المجرمين فيها كاملة ولو لا ذلك لكان خلق الدنيا عبثا كما قال تعالى « أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ » (٢).
أو المراد بإنكار النشأة الآخرة : عدم العمل لتحصيلها والرغبة إليها كما ذكرنا في الفقرة السابقة أي عجب لمن يرغب إلى أنواع نعيم تلك النشأة مع كمالها وخلوصها وهو يرى نعيم الدنيا ونقصه وكدورته وفناءه فيكون نظير قولهم عليهالسلام « عجيب لمن يرى الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يركن إليها » والأول أظهر.
__________________
(١) سورة يس : ٨٩.
(٢) سورة المؤمنون : ١١٥.