منه ، وذلك غير جائز ، بل يترك نفسه حتّى يموت ولا يميت الغير . ومنها الطّالب للّذّة ، كما ذهب إليه جمع من الأصحاب .
وأمّا العادي فقيل : هو الّذي يقطع الطريق ، وقيل : [ هو ] الّذي يتجاوز مقدار الضرورة ، وقيل : الّذي يتجاوز مقدار الشبع . وفي بعض الروايات عن الصادق عليه السّلام أنّه قال : الباغي الّذي يخرج على الامام ، والعادي الّذي يقطع الطريق لا تحلّ لهما الميتة . وستأتي الأخبار في ذلك وغيره .
وقوله سبحانه « غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ » أي غير مائل إلى إثم ، بأن يأكل زيادة على الحاجة ، أو للتلذّذ ، أو غير متعمّد لذلك ولا مستحلّ ، أو غير عاص بأن يكون باغياً على الإمام أو عادياً متجاوزاً عن قدر الضرورة ، أو عمّا شرع الله بأن يقصد اللذّة لا سدَّ الرمق . وسيأتي تمام القول في ذلك في محلّه إنشاء الله .
واختلف فيما إذا كانت الضرورة من جهة التداوي هل هي داخلة في عموم تلك الآيات ؟ وهل يجوز التداوي بالحرام عند انحصار الدواء فيه ؟ فذهب بعض الأصحاب إلى عدم جواز التداوي بالحرام مطلقاً ، وبعضهم إلى عدم جواز التداوي بالخمر وسائر المسكرات وجواز التداوي بسائر المحرّمات ، وبعضهم إلى جواز التداوي بكلّ محرّم عند انحصار الدواء فيه .
قال المحقق ـ قدّس الله روحه ـ في الشرائع : ولو اضطرّ إلى خمر وبول قدّم البول ، ولو لم يوجد إلّا الخمر قال الشيخ في المبسوط : لا يجوز دفع الضرورة بها ، وفي النهاية : يجوز ، وهو الأشبه . ولا يجوز التداوي بها ولا بشيء من الأنبذة ولا بشيء من الأدوية معها شيء من المسكر أكلاً وشرباً ، ويجوز عند الضرورة أن يتداوى بها للعين .
وقال الشهيد الثاني ـ
رفع الله درجته هذا هو المشهور بين الأصحاب ، بل ادّعى عليه في الخلاف الإجماع ، وأطلق ابن البرّاج جواز التداوي به إذا لم يكن له عنه مندوحة ، وجعل الأحوط تركه . وكذا أطلق في الدروس جوازه للعلاج كالترياق والأقوى الجواز مع خوف التلف بدونه وتحريمه بدون ذلك . وهو اختيار العلّامة