شرط ملة الإسلام والمعرفة بمن سماه ثبت حظر ذبائح أهل الكتاب لعدم استحقاقهم من الوصف بما شرحناه ولحوقهم في المعنى الذي ذكرناه بشركائهم في الكفر من المجوس والصابئين وغيرهما من أصناف المشركين والكفار.
سؤال فإن قال قائل فإن اليهود تعرف الله جل اسمه وتدين بالتوحيد وتقربه وتذكر اسمه على ذبائحها وهذا يوجب الحكم عليها بأنها حلال.
الجواب قيل له ليس الأمر على ما ذكرت لا اليهود من أهل المعرفة بالله عز وجل حسب ما قدرت ولا هي مقرة بالتوحيد في الحقيقة وإن كان تدعي ذلك لأنفسها بدلالة كفرها بمرسل محمد صلىاللهعليهوآله وجحدها لربوبيته وإنكارها لإلهيته من حيث اعتقدت كذبه صلىاللهعليهوآله ودانت ببطلان نبوته وليس يصح الإقرار بالله عز وجل في حالة الإنكار له ولا المعرفة به في حد الجهل بوجوده وقد قال الله تعالى « لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ » (١) وقال « وَلَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالنَّبِيِّ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِياءَ » (٢) وقال « فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً » (٣).
ولو كانت اليهود عارفة بالله تعالى وله موحدة لكانت به مؤمنة وفي نفي القرآن عنها الإيمان دليل على بطلان ما تخيله الخصم.
على أن ما يظهر اليهود من الإقرار بالله عز اسمه وتوحيده قد يظهر من مستحل الخمر بالشبهة ويقترن إلى ذلك بإقراره بنبوة محمد صلىاللهعليهوآله والتدين بما جاء به في الجملة وقد أجمع علماء الأمة على أن ذبيحة هذا محرمة وأنه خارج من جملة من أباح الله تعالى أكل ذبيحته بالتسمية فاليهود أولى بأن يكون ذبائحهم محرمة
__________________
(١) المجادلة ٢٢.
(٢) المائدة ٨١ وما بين العلامتين ساقط من المطبوعة.
(٣) النساء : ٦٥.