ما يسأم فيه على ما يؤكل منه لأنه سيصير غذاء حيوانيا هو أشرف الأغذية ومن هذا تقديم الزرع والتصريح بالأجناس الثلاثة وترتيبها.
« إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ » على وجود الصانع وحكمته فإن من تأمل أن الحبة تقع في الأرض وتصل إليها نداوة تنفذ فيها فينشق أعلاها ويخرج منه ساق الشجرة وينشق أسفلها فيخرج منه عروقها ثم ينمو ويخرج منه الأوراق والأزهار والأكمام والثمار ويشتمل كل منها على أجسام مختلفة الأشكال والطباع مع اتحاد المواد ونسبة الطبائع السفلية والتأثيرات الفلكية إلى الكل علم أن ذلك ليس إلا بفعل فاعل مختار مقدس عن منازعة الأضداد والأنداد.
« وَما ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ » عطف على الليل أي وسخر لكم ما خلق لكم فيها من حيوانات ونباتات « مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ » أي أصنافه فإنها تتخالف باللون غالبا « إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ » أن اختلافها في الطباع والهيئات والمناظر ليس إلا بصنع صانع حكيم.
وقال تعالى « وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ » قيل عدل من لفظ الغيبة إلى صيغة المتكلم على الحكاية لكلام الله تنبيها على ظهور ما فيه من الدلالة على كمال القدرة والحكمة وإيذانا بأنه مطاع تنقاد الأشياء المختلفة بمشيته « أَزْواجاً » أي أصنافا « مِنْ نَباتٍ شَتَّى » أي متفرقات في الصور والأعراض والمنافع يصلح بعضها للناس وبعضها للبهائم فلذلك قال « كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعامَكُمْ » أي أخرجنا أصناف النبات قائلين كلوا وارعوا أنعامكم « إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى » لذوي العقول الناهية عن اتباع الباطل وارتكاب القبائح جمع نهية.
وأقول هذا مما يدل على عموم الإباحة إلا ما أخرجه الدليل كما مر.
« وَالنَّجْمُ » أي النبات الذي ينجم أي يطلع من الأرض ولا ساق له « وَالشَّجَرُ » الذي له ساق « يَسْجُدانِ » ينقادان لله فيما يريد بهما طبعا انقياد الساجد من المكلفين طوعا