ابن مالك سمعه منه صلىاللهعليهوآله عند ذكره منافع كثيرة من بقول الأرض ومضارها فقال عليهالسلام عند ذكر الجرجير فو الذي نفس محمد بيده ما من عبد بات وفي جوفه شيء من هذه البقلة إلا بات والجذام يرفرف على رأسه حتى يصبح إما أن يسلم وإما أن يعطب.
قال السيد رحمهالله وهذا القول مجاز لأن الداء المخصوص الذي هو الجذام لا يصح أن يوصف بالرفرفة على الحقيقة لأنه عرض من الأعراض وإنما أراد عليهالسلام أن البائت على أكل هذه البقلة على شرف من الوقوع في الجذام لشدة اختصاصها بتوليد هذه العلة فإما أن يدفعها الله تعالى عنه فتدفع أو يوقعه فيها فتقع وإنما قال عليهالسلام يرفرف على رأسه عبارة عن دنو هذه العلة منه فتكون بمنزلة الطائر الذي يرفرف على الشيء إذا هم بالنزول إليه والوقوع عليه (١).
توضيح : اعلم أن الذي يظهر من كتب أكثر الأطباء أن البقلة المعروفة عند العجم تره تيزك ليس هو الجرجير بل هو الرشاد قال ابن بيطار الجرجير صنفان بستاني وبري كل واحد منهما صنفان فأحد صنفي البستاني عريض الورق فستقي اللون ناقص الحرافة رحض طيب والثاني ورقه رقاق شديد الحرافة وقال صاحب الاختيارات الجرجير بري وبستاني البري يقال له الأيهقان والبستاني يقال له بالفارسية كيكير والجرجير البري يقال له الخردل البري ويستعمل بذره مكان الخردل وقال الرشاد الحرف ويقال له بالفارسية سپندان وتره تيزك.
__________________
(١) المجازات النبوية ٩٧ ، ولعله صلىاللهعليهوآلهوسلم أشار بذلك الى أن الابتلاء بالجذام انما يكون بهوام طائرة في الهواء تعشق وتعتاد ريح هذه البقلة ، فإذا أكلها الرجل وفاح ريح البقلة منه اجتمعت تلك الهوام وترفرفت على رأس الاكل كيف تنفذ في بدنه طلبا للعصارة المحبوبة له ، فربما نفذت الهوام وابتلى الرجل بالجذام ، وهذا كقوله الآخر (ص) « فر من المجذوم فرارك من الأسد » مع ما قيل أن هوام الجذام على هيئة الأسد شكلا.