من كل داء والقرآن شفاء لما في الصدور فعليكم بالشفاءين القرآن والعسل (١) وحكى النقاش عن أبي وجزة أنه كان يكتحل بالعسل ويتداوى به من كل سقم وروي أيضا عن عون بن مالك أنه مرض فقال ائتوني بماء فإن الله تعالى قال « وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً » ثم قال ائتوني بعسل وقرأ الآية ثم قال ائتوني بزيت فإنه « مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ » فخلط الجميع ثم شربه فشفي.
وروى البخاري ومسلم والنسائي والترمذي عن أبي سعيد الخدري قال جاء رجل إلى النبي صلىاللهعليهوآله فقال : إن أخي استطلق بطنه فقال صلىاللهعليهوآله اسقه عسلا فسقاه ثم جاءه فقال يا رسول الله صلى الله عليك قد سقيته فلم يزد إلا استطلاقا فقال صلىاللهعليهوآله اسقه عسلا ثلاث مرات ثم جاء في الرابعة فقال اسقه عسلا قال قد سقيته فلم يزده إلا استطلاقا فقال صلىاللهعليهوآله صدق الله وكذب بطن أخيك اسقه عسلا فسقاه فبرأ انتهى (٢).
أقول قال ابن حجر في فتح الباري في شرح هذا الخبر قال الخطابي وغيره أهل الحجاز يطلقون الكذب في موضع الخطاء يقال كذب سمعك أي زل فلم يدرك حقيقة ما قيل له فمعنى كذب بطنه أي لم يصلح لقبول الشفاء بل زل عنه.
وقد اعترض بعض الملاحدة فقال العسل مسهل فكيف يوصف لمن وقع به الإسهال.
والجواب أن ذلك جهل من قائله بل هو كقول الله تعالى « بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ » فقد اتفق الأطباء على أن المرض الواحد يختلف علاجه باختلاف السن والعادة والزمان والغذاء المألوف والتدبير وقوة الطبيعة وعلى أن الإسهال يحدث من أنواع منها الهيضة التي تحدث عن تخمة واتفقوا على أن علاجها بترك الطبيعة وفعلها فإن احتاجت إلى مسهل أعينت ما دام بالعليل قوة.
__________________
(١) راجع سنن ابن ماجة كتاب الطب الباب ٧ ، مجمع الزوائد ج ٥ ص ٩١. الدر المنثور ٤ : ١٢٣. حياة الحيوان ٢ : ٣٠٠ و ٣٠١.
(٢) راجع صحيح البخاري كتاب الطب الباب ٢٤ ، صحيح مسلم كتاب السلام الباب ٩١ سنن الترمذي كتاب الطب الباب ٣١ ، مسند ابن حنبل ج ٣ ص ١٩ و ٩٢ ، الدر المنثور ٤ : ١٢٣.