جشوبة مأكلك قال ويحك إني لست كأنت إن الله تعالى فرض على أئمة الحق أن يقدروا أنفسهم بضعفة الناس كيلا يتبيغ بالفقير فقره انتهى (١).
وأقول الخطاب في هذه الآية للكفار فإن طيباتهم كانت منحصرة فيما تمتعوا بها في الدنيا لتفويتهم على أنفسهم استحقاق نعيم الآخرة فلا تكون حجة في رجحان ترك المؤمنين ملاذ الدنيا ونعيمه كما قال أمير المؤمنين عليهالسلام فيما كتب إلى أهل مصر مع محمد بن أبي بكر :
واعلموا يا عباد الله أن المتقين حازوا عاجل الخير وآجله فشاركوا أهل الدنيا في دنياهم ولم يشاركهم أهل الآخرة في آخرتهم أباحهم الله في الدنيا ما كفاهم به وأغناهم قال الله عز اسمه « قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ » سكنوا الدنيا بأفضل ما سكنت وأكلوها بأفضل ما أكلت شاركوا أهل الدنيا في دنياهم فأكلوا معهم من طيبات ما يأكلون وشربوا من طيبات ما يشربون ولبسوا من أفضل ما يلبسون وسكنوا من أفضل ما يسكنون وتزوجوا من أفضل ما يتزوجون وركبوا من أفضل ما يركبون أصابوا لذة الدنيا مع أهل الدنيا وهم غدا جيران الله يتمنون عليه فيعطيهم ما يتمنون لا ترد لهم دعوة ولا ينقص لهم نصيب من اللذة.
فإلى هذا يا عباد الله يشتاق من كان له عقل ويعمل له تقوى الله ولا حول ولا قوة إلا بالله (٢).
ومثل ذلك كثير أوردتها في كتاب الإيمان والكفر وأما الأخبار المعارضة لها فصنفان أحدهما ما ورد في كيفية تعيش رسول الله وأمير المؤمنين وبعض الأئمة عليهمالسلام فمع معارضتها لأطوار بعضهم أيضا محمولة على أنها من خصائص النبي صلىاللهعليهوآله والإمام الممكن من التصرف كما يدل عليه خبر عاصم بن زياد
__________________
(١) مجمع البيان ٥ : ٨٧ ـ ٨٨.
(٢) راجع أمالي الطوسي ١ : ٢٥ ـ ٢٦.