الرابع اعلم أن الأحكام المذكورة مخصوصة على المشهور بالعصير العنبي ولا خلاف في عدم تحريم ما سوى عصير التمر وعصير الزبيب مما سوى عصير العنب كعصير الرمان وسائر الفواكه وغيرها ولا في طهارتها إلا أن تصير مسكرا ولا يشترط في حلها وطهارتها ذهاب الثلثين وإنما اختلفوا في عصير التمر والزبيب قال الشهيد رحمهالله في الدروس ولا يحرم العصير من الزبيب ما لم يحصل فيه نشيش فيحل طبيخ الزبيب على الأصح لذهاب ثلثيه بالشمس غالبا وخروجه عن مسمى العنب وحرمه بعض مشايخنا المعاصرين وهو مذهب بعض فضلائنا المتقدمين لمفهوم رواية علي بن جعفر (١) وأما عصير التمر فقد أحله بعض الأصحاب ما لم يسكرو في رواية عمار سئل الصادق عليهالسلام عن النضوح كيف نصنع حتى يحل قال خذ ماء التمر فأغله حتى يذهب ثلثاه (٢). أنتهى وكأن المراد بالنشيش هنا السكر أو ما يئول إليه لا ما مر من الغليان أو ما يقرب منه كما هو المعروف لسياق كلامه هنا ولتصريحه بما ينافيه في اللمعة حيث قال ولا يحرم من الزبيب وإن غلا على الأقوى.
ثم إن الشهيد الثاني رحمهالله في شرحها بعد الاستدلال على هذا الحكم بخروجه عن مسمى العنب وبأصالة الحل واستصحابه وذكر ما ذهب إليه بعض الأصحاب من التحريم لمفهوم رواية علي بن جعفر قال وسند الرواية والمفهوم ضعيفان فالقول بالتحريم أضعف أما النجاسة فلا شبهة في نفيها انتهى وكان الفرق بين القول بالتحريم والنجاسة في هذا المقام لعدم النص على نجاسة العصير مطلقا وعدم القول بها إلا من جماعة معدودين وهم لا يقولون هاهنا لا بالتحريم ولا بالنجاسة فيكون عدم النجاسة هاهنا اتفاقيا.
وقال رحمهالله في المسالك والحكم مختص بعصير العنب فلا يتعدى إلى غيره كعصير التمر ما لم يسكر للأصل ولا إلى عصير الزبيب على الأصح لخروجه عن اسمه وذهاب ثلثيه وزيادة بالشمس وحرمه بعض علمائنا استنادا إلى مفهوم رواية علي بن جعفر وهي مع أن في طريقها سهل بن زياد لا يدل على تحريمه قبل
__________________
(١) الكافي ٦ : ٤٢١.
(٢) التهذيب ٩ : ١١٦.