وَعَدْلاً » فليس يبتدئ العباد بالغضب قبل أن يغضبوه وذلك من علم اليقين وعلم التقوى وكل أمة قد رفع الله عنهم علم الكتاب حين نبذوه وولاهم عدوهم حين تولوه وكان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه وحرفوا حدوده فهم يروونه ولا يرعونه والجهال يعجبهم حفظهم للرواية والعلماء يحزنهم تركهم للرعاية وكان من نبذهم الكتاب أن ولوه الذين لا يعلمون فأوردوهم الهوى وأصدروهم إلى الردى وغيروا عرى
______________________________________________________
قوله عليهالسلام : « وذلك من علم اليقين » من قبيل إضافة الموصوف إلى الصفة أي ما سبق من العلم بعدله تعالى ورأفته ورحمته ، هو من العلم المتيقن الذي لا شك فيه ، وهو علم التقوى ، أي علم يتقى به من عذاب الله إذ من لم يقل به فهو كافر مستحق لعذابه تعالى ، أو هو العلم الذي يبعث النفس على التقوى ، أو يحصل من التقوى ، قوله « وكل أمة » مبتدأ وقوله « قد رفع الله » خبره.
قوله عليهالسلام : « وولاهم عدوهم حين تولوه » الضمير المنصوب في قوله « تولوه » راجع إلى العدو يقال ولاه : أي جعله واليا ، وتولاه أي اتخذوه وليا. أي سلط عليهم عدوهم ، حين اتخذوه وليهم ، وخلي بينه وبينهم كما أنهم بايعوا بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في صدر الإسلام من ليس بأهله ، ومن هو عدوهم في الدنيا والآخرة فوكلهم الله إليهم وخلي بينهم ، وبين هؤلاء المضلين ، وفيه إشارة إلى قوله تعالى (١) « وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ ، نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى » أي نجعله واليا لما تولى من الضلال. ونخلي بينه وبين ما اختاره « وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً ».
قوله عليهالسلام : « وحرفوا حدوده » أي أحكامه وأولوها بآرائهم.
قوله : « وكان من نبذهم الكتاب أن ولوه » إلخ. أي جعلوا ولي الكتاب والقيم عليه ، والحاكم به الذين لا يعلمونه.
قوله : « فأوردوهم الهوى » أي ما يحكم به أهواؤهم « وصدورهم » أي أرجعوهم إلى الردى والهلاك.
قوله : « وغيروا عرى الدين » أي ما يتمسك به من أحكام الدين وشرائعه.
__________________
(١) سورة النساء : ١١٥.