الدين ثم ورثوه في السفه والصبا فالأمة يصدرون عن أمر الناس بعد أمر الله تبارك وتعالى وعليه يردون ، فبِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً ولاية الناس بعد ولاية الله وثواب الناس بعد ثواب الله ورضا الناس بعد رضا الله فأصبحت الأمة كذلك وفيهم المجتهدون في العبادة على تلك الضلالة معجبون مفتونون فعبادتهم فتنة لهم ولمن اقتدى بهم وقد كان في الرسل « ذِكْرى لِلْعابِدِينَ » إن نبيا من الأنبياء كان يستكمل الطاعة ثم يعصي الله تبارك وتعالى في الباب الواحد فخرج به من الجنة وينبذ به في بطن الحوت ثم لا ينجيه إلا الاعتراف والتوبة فاعرف أشباه الأحبار والرهبان الذين ساروا بكتمان الكتاب وتحريفه « فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ » ثم اعرف
______________________________________________________
قوله عليهالسلام : « ثم ورثوه » أي جعلوه ميراثا يرثه كل سفيه جاهل ، أو صبي غير عاقل ، قال الجوهري (١) : يقال : صبي بين الصبا والصباء ، إذا فتحت الصاد مددت وإذا كسرت قصرت.
قوله عليهالسلام : « بعد أمر الله » أي صدوره أو الاطلاع عليه أو تركه ، والورود والصدور كنايتان عن الإتيان ، للسؤال والأخذ والرجوع بالقبول.
قوله عليهالسلام : « ولاية الناس » هو المخصوص بالذم.
قوله عليهالسلام : « معجبون » بفتح الجيم أي يعجبهم أعمالهم.
قوله عليهالسلام : « ثم يعصي الله » أي يترك الأولى والأفضل وإطلاق العصيان عليه مجاز لكونه في درجة كمالهم ، بمنزلة العصيان.
قوله عليهالسلام : « فاعرف أشباه الأحبار والرهبان » أي الذين كانوا يتشبهون بالأحبار والرهبان من الأمم السالفة ، ولم يكونوا منهم ضالين مبتدعين كتموا الكتاب وأحكامه وحرفوه وأولوه بآرائهم.
قوله عليهالسلام : « فهم مع السادة والكبرة » الكبرة بكسر الكاف وسكون الباء والكبر بالضم : جمع الأكبر أي هم مع أهل السيادة والعظمة والدولة في الدنيا ، وفي بعض النسخ الكثرة وهو أظهر.
__________________
(١) الصحاح : ج ٦ ص ٢٣٩٨.