إنما يحشرون « إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً » وإنما نصب الموازين ونشر الدواوين لأهل الإسلام.
فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن الله عز وجل لم يحب زهرة الدنيا وعاجلها لأحد من أوليائه ولم يرغبهم فيها وفي عاجل زهرتها وظاهر بهجتها وإنما خلق الدنيا وخلق أهلها ليبلوهم فيها « أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً » لآخرته وايم الله لقد ضرب لكم فيه الأمثال وصرف الآيات لقوم يعقلون و « لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ ».
فازهدوا فيما زهدكم الله عز وجل فيه من عاجل الحياة الدنيا فإن الله عز وجل يقول وقوله الحق : « إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعامُ حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ
______________________________________________________
الميزان ، لئلا يزعم زاعم أنهم ظلموا في عقوبتهم.
قوله عليهالسلام : « زمرا » قال الفيروزآبادي (١) الزمرة بالضم : الفوج ، والجماعة في تفرقة ، والجمع زمر.
قوله عليهالسلام : « زهرة الدنيا » أي بهجتها ونضارتها وحسنها.
قوله عليهالسلام : « وصرف الآيات » قال الفيروزآبادي : تصريف الآيات تبيينها (٢).
قوله عليهالسلام : « فإن الله يقول » إلى آخره. قال البيضاوي : « إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا » حالها العجيبة في سرعة تقضيها وذهاب نعيمها بعد إقبالها واغترار الناس بها « كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ » فاشتبك بسببه حتى خالط بعضه بعضا « مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعامُ » من الزروع والبقول والحشيش « حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ » بأصناف النبات وإشكالها وألوانها المختلفة كعروس أخذت من ألوان الثياب والزينة « فتزينت بها وازينت : أصله تزينت فأدغم وقد قرئ على الأصل وازينت على أفعلت من غير إعلال كأغيلت ، والمعنى صارت ذات زينة ، وازيانت كابياضت « وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها » متمكنون من حصدها ورفع غلتها « أَتاها أَمْرُنا » ضرب زرعها ما يحتاجه « لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها » جعلنا زرعها « حَصِيداً » شبيها بما حصد من أصله « كَأَنْ لَمْ تَغْنَ » كان لم يغن زرعها أي لم تنبت ،
__________________
(١) القاموس المحيط : ج ٢ ص ٤٠ « ط مصر ».
(٢) نفس المصدر : ج ٣ ص ١٦٢.