.................................................................................................
______________________________________________________
فأكثر ما فيه أنه اعتقد أمرا على خلاف ما هو ، فيكون ذلك الاعتقاد علما على غيره كما يكون خلق الله تعالى الغيم علما على المطر ، والجميع خلق الله تعالى ، ولكن يخلق الرؤيا والاعتقادات التي جعلها علما على ما يسر بغير حضرة الشيطان وخلق ما هو علم على ما يضر بحضرة الشيطان فنسب إلى الشيطان مجازا لحضوره عندها ، وإن كان لا فعل له حقيقة.
وقال محيي السنة : ليس كلما يراه الإنسان صحيحا ويجوز تعبيره ، بل الصحيح ما كان من الله يأتيك به ملك الرؤيا من نسخة أم الكتاب ، وما سوى ذلك أضغاث أحلام لا تأويل لها ، وهي على أنواع : قد تكون من فعل الشيطان ، يلعب بالإنسان أو يريه ما يحزنه ، وله مكائد يحزن بها بني آدم كما قال تعالى : « إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا » (١) ومن لعب الشيطان به الاحتلام الذي يوجب الغسل ، فلا يكون له تأويل ، وقد يكون من حديث النفس كما يكون في أمر أو حرفة يرى نفسه في ذلك الأمر ، والعاشق يرى معشوقه ونحوه ، وقد تكون من مزاج الطبيعة كمن غلب عليه الدم يرى الفصد والحجامة والحمرة والرعاف والرياحين والمزامير والنشاط ونحوه ، ومن غلب عليه الصفراء يرى النار والشمع والسراج والأشياء الصفر ، والطيران في الهواء ونحوه ، ومن غلب عليه السوداء يرى الظلمة والسواد والأشياء السود وصيد الوحش ، والأهوال والأموات والقبور والمواضع الخربة ، وكونه في مضيق لا منفذ له ، أو تحت ثقل ونحوه ، ومن غلب عليه البلغم يرى البياض والمياه والأنداء (٢) والثلج والوحل ، فلا تأويل لشيء منها.
وقال السيد المرتضى « ره » في كتاب الغرر والدرر (٣) في جواب سائل سأله ما القول في المنامات أصحيحة هي أم باطلة؟ ومن فعل من هي؟ وما وجه صحتها في الأكثر؟ وما وجه الإنزال عند رؤية المباشرة في المنام ، وإن كان فيها صحيح وباطل
__________________
(١) سورة المجادلة : ١٠.
(٢) الأنداء جمع الندى : البَلَل والمطر.
(٣) أمالي المرتضى « غرر الفوائد ودرر القلائد » ج ٢ ص ٣٩٢.