[ قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لأبي ذر رحمهالله ] :
يا أباذر ما من رجل يجعل جبهته في بقاع الأرض الاّ شهدت له بها يوم القيامة ، وما من منزل ينزله قوم الاّ وأصبح ذلك المنزل يصلى عليهم أو يلعنهم.
يا أباذر ما من صباح ولا رواح الاّ وبقاع الأرض ينادي بعضها بعضاً : يا جارتي هل مرّ بك ذاكر لله ، أو عبد وضع جبهته عليك ساجداً لله؟ فمن قائلة : لا ، ومن قائلة : نعم ، فاذا قالت : نعم ، اهتزّت وابتهجت ، وترى أنّ لها الفضل على جارتها.
اعلم انّ الانسان احاطه الغرور بحيث أصبحت الجمادات أكثر وعياً منه وأعرف قدراً لعبادة الله تعالى وطاعته ، ويمكن توجيه هذه الأخبار بوجوه.
الأول : أن تحمل على حقيقتها ، وانّ للجمادات شعور ضعيف : كما يقول الله تعالى : ( وَاِن مِن شَيءٍ اِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمدِهِ وَلَكِن لاَّ تَفقَهُونَ تَسبِيحَهُم ... ) (١).
الثاني : انّ هذا الكلام مقدّر ، أي انّها لو كانت تشعر لقالت هكذا.
الثالث : أن يكون المراد من بقاع الأرض سكّان تلك البقاع من الملائكة وصالحي الجن ، العابدين الله فيها ، وروي بسند معتبر انّ أبا عبدالله عليهالسلام سئل : يصلّى الرجل نوافله في موضع أو يفرّقها؟ فقال : لا بل يفرّقها هاهنا وهاهنا ، فانّها تشهد له يوم القيامة (٢).
__________________
١ ـ الاسراء : ٤٤.
٢ ـ الكافي ٣ : ٤٥٥ ح ١٨ باب تقديم النوافل ....