فانّه يرى ما رتّب له في كلّ صفحة من صفحاته من بساتين الحقائق ، وأنواع أنوار المعارف والهداية ، وما أحضر لأُنّسه في محفل مملوّ من صفوة الله ومحبّيه.
وما أعد له من أنواع النعم الروحانية وأصناف اللذائذ العقلانية ، وما هيأ له من أقداح مملوّة بشراب لطف الله الطهور ومحبته ، فالله تعالى مضيّفه والأنبياء والأوصياء والصديقون أصحابه ، فلا لوم على من مات فرحاً وسروراً.
ثالثاً : الطهارة عند التلاوة ، كما روي عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام قال : سألته أقرأ المصحف ثم يأخذني البول فأقوم فأبول واستنجي ، وأغسل يدي وأعود إلى المصحف فأقرأ فيه؟ قال : لا ، حتى تتوضّأ للصلاة (١).
ويحمل هذا الشرط على الاستحباب بل انّ ظاهر الأحاديث المعتبرة استحباب قراءة الجنب والحائض غير سور السجدة ، وحكم البعض بكراهة قراءة أكثر من سبع آيات ، وقيل انّ قراءة أكثر من سبعين آية أشدّ كراهة ، لكن الأحاديث الصحيحة تدلّ على جواز قراءتهما للقرآن مهما أراد الاّ سور السجدة فهي محرّمة عليهما.
رابعاً : الاستعاذة ، ولا خلاف في استحبابها إذا شرع في القراءة والتلاوة ، وهناك خلاف بين القرّاء في كيفيتها ، والمشهور عند علماء الشيعة أحد الوجهين ، الأول : « أعوذ بالله من الشيطان الرجيم » وهذا أشهر بين الشيعة والسنة ، الثاني : « أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ».
وجاء في بعض روايات الشيعة بعده « وأعوذ بالله أن يحضرون » وجاء في بعضها الآخر « انّ الله هو السميع العليم » وفي بعضها « أعوذ بالله من الشيطان
__________________
١ ـ قرب الاسناد : ٣٩٥ ح ١٣٨٦ ـ عنه البحار ٩٢ : ٢١٠ ح ٢ باب ٢٦ ـ الوسائل ٤ : ٨٤٧ ح ١ باب ١٣.