فاتبعهم ذلك النبي ، فقال لهم : آمنوا بالله.
قالوا له : ان كنت نبيّاً فادع لنا الله أن يجيئنا بطعام على لون ثيابنا ، وكانت ثيابهم صفراء ، فجاء بخشبة يابسة ، فدعا الله تعالى عليها ، فاخضرت وأينعت وجاء بالمشمش حملاً.
فأكلوا ، فكلّ من أكل ونوى أن يسلم على يد ذلك النبيّ خرج ما في جوف النوى من فيه حلواً ، ومن نوى انّه لا يسلم خرج ما في جوف النوى من فيه مرّاً (١).
وملخص هذه الكلمات انّ الانسان يحرم نفسه من الرحمة الظاهرية والمعنويّة بأعماله السيئة من القول والفعل ، وكما شاك الشجر الظاهري بأفعال الانسان القبيحة ، فكذلك لم تثمر ولم تفد الأشجار المعنوية من العلم والكمالات النابتة في مزارع الصدور وبساتين القلوب.
ولمّا جاء الشيطان بالتصوف الباطل ، وأذاعه بين الناس ، وجعل الله تعالى متّحداً مع كل دنّي ووضيع اقشعرّت قلوب العلماء ، والناس تركوهم ولم يستفيدوا من ثمرات علمهم وحكمتهم ، وصار الجهل بين الناس كمالاً ، وقد شبه الله الكلمة الطيبة بالشجرة حيث قال :
( أَلم تَرَ كَيفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبِةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصلُهَا ثَابِتٌ وَفَرعُها فِي السَّمَاءِ * تُوتِى أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِاذنِ رَبِّها وَيَضرِبُ اللهُ الامثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُم يَتَذَكَّرُون * وَمَثَلُ كِلمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اُجتَثَّت مِن فَوقِ الأرضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ ) (٢).
ووجه انطباق هذا التمثيل على العقلاء ظاهر بأنّ الايمان والعقائد الحقّة
__________________
١ ـ علل الشرائع : ٥٧٣ ح ١ باب ٣٧٥ ـ عنه البحار ٦٦ : ١٩٠ ح ٣ باب ١٤.
٢ ـ إبراهيم : ٢٤ و٢٥ و٢٦.