وروي بسند معتبر عن أبي عبدالله عليهالسلام انّه قال : أرسل النجاشي إلى جعفر بن أبي طالب وأصحابه ، فدخوا عليه وهو في بيت له جالس على التراب وعليه خلقان الثياب.
قال : فقال جعفر : فأشفقنا منه حين رأيناه على تلك الحال ، فلمّا رأى ما بنا وتغيّر وجوهنا قال : الحمد لله الذي نصر محمداً وأقرّ عينه ، ألا ابشرّكم؟ فقلت : بلى أيّها الملك.
فقال : انّه جاءني الساعة من نحو أرضكم عينٌ من عيوني هناك فأخبرني انّ الله عزّ وجلّ قد نصر نبيه محمداً صلىاللهعليهوآلهوسلم وأهلك عدوّه ، واُسر فلان وفلان وفلان ، التقوا بواد يقال له : بدر كثير الأراك ، لكأني أنظر إليه حيث كنت أرعى لسيّدي هناك وهو رجل من بني ضمره.
فقال له جعفراً : أيّها الملك فمالي أراك جالساً على التراب وعليك هذه الخلقان؟ فقال له : يا جعفر انّا نجد فيما أنزل الله على عيسى عليهالسلام انّ من حق الله على عباده أن يحدثوا له تواضعاً عند ما يحدث لهم من نعمة ، فلمّا أحدث الله عزّ وجلّ لي نعمة بمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم أحدثت لله هذا التواضع.
فلمّا بلغ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال لأصحابه : انّ الصدقة تزيد صاحبها كثرة فتصدّقوا يرحمكم الله ، وانّ التواضع يزيد صاحبه رفعة فتواضعوا يرفعكم الله ، وانّ العفو يزيد صاحبه عزّاً فاعفوا يعزّكم الله (١).
وروي عن أبي محمد العسكري عليهالسلام انّه قال : أعرف الناس بحقوق اخوانه وأشدّهم قضاء لها أعظمهم عند الله شأناً ، ومن تواضع في الدنيا لاخوانه
__________________
١ ـ الكافي ٢ : ١٢١ ح ١ ـ عنه البحار ٧٥ ـ ١٢٤ ح ٢٣ باب ٥١.