الثاني : معرفة معاني القرآن ، وكان القرّاء سابقاً يعلّمون المعاني أيضاً ، وهذه أعلى من معرفة اللفظ ، ويكون التفاضل فيها بزيادة فهم معاني القرآن من الظواهر والبواطن ونقصانه.
الثالث : العمل بأحكام القرآن ، والتخلّق بأخلاقه ، والخلّو من الصفات التي نهى عنها ، فالحامل الحقيقي للقرآن هو من حمل الألفاظ والمعاني ، وتخلّق بصفاته الحميدة.
واعلم انّ القرآن احسان الله المعنوي كما روي عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم انّ القرآن مائدة الله ، ومن الواضح انّ مائدة الكرماء تكون جامعة وفيها لكلّ شخص نعمة حسب شأنه ، وما من أحد الاّ وله حظ من القرآن.
فينتفع الكثير نفعاً دنيوياً وأُخروياً بكتابة ألفاظه ، حتى من هيّأ الدواة والقرطاس ، ومن يكتب ومن يعطي الاجور وغيرهم ممن له دخل في كتابة القرآن ، فإن فعلوا لله كان نفعهم في الدارين معاً ، وإن فعلوا للدنيا انتفعوا نفعاً دنيوياً.
وهناك من ينتفع به نفعاً دنيوياً وأخروياً أيضاً بتعليم وتعلم ألفاظه ، وكلّ ذي علم من العلوم الكثيرة ينتفع بالقرآن ، فعالم الصرف يستفيد من وجوه تُصاريفه واشتقاقاته ، والنحوي يستشهد بأنواع اعرابه ، والمعاني والبيان يأخذ النكات الغريبة ، ويستفيد أصحاب البلاء من بركة آياته الكريمة بالتلاوة والكتابة ، ويلجأ إلى سوره وآياته أرباب المطالب الدنيوية والأخروية ويجدون سؤلهم فيه.
ومن وجوه اعجاز القرآن آياته وسوره وتأثيراته الغريبة ، ولجوء أرباب التكسير وأصحاب الأعداد وغيرهما إليه ، وانتفاع جميع العلماء بمعانيه الغريبة من