الله وكيف لاقوا المتاعب والأذى من فجار أممهم من المنحرفين ، ولكنهم كظموا الغيظ سيّما رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مع ما لقى من كفّار قريش وغيرهم من الأذى والمحن ومع كلّ هذا لم يدع عليهم ولو مرّة واحدة.
وانظر إلى معدن الآداب ومفخر أولي الألباب كيف سلك مع أجلاف العرب وما لقى منهم من الاهانة والتجاسر وهو صلىاللهعليهوآلهوسلم يعفو ويصفح ، كما روي انّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أدركه أعرابيّ فأخذ بردائه فجبذه جبذة شديدة ... وقد أثرت به حاشية الرداء من شدّه جبذته ، ثم قال له : يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك ، فالتفت إليه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فضحك وأمر له بعطاء (١).
وبعد هذا أنزل الله تعالى : ( وَاِنَّك لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) (٢).
انّ قريش مع ما صنعت به من الأذى لكن لما فتح مكة وأسروا وحضروا مسجد الحرام من دون سلاح وقف صلىاللهعليهوآلهوسلم عند باب الكعبة وهم ينتظرون العقوبة فسألوه عمّا يصنع بهم ، فقال : أفعل ما فعل يوسف باخوته ، لا تثريب عليكم اليوم ولو أسلمتم يغفر الله لكم (٣).
روي بسند معتبر عن أبي جعفر الباقر عليهالسلام انّه قال : انّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أُتي باليهودية التي سمّت الشاة للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال لها : ما حملك على ما صنعت؟ فقالت : قلت : إن كان نبياً لم يضرّه ، وإن كان ملكاً أرحت الناس منه ، قال : فعفا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عنها (٤).
__________________
١ ـ البحار ١٦ : ٢٣٠ ضمن حديث ٣٥ باب ٩ ـ عن مكارم الاخلاق.
٢ ـ القلم : ٤.
٣ ـ مضمون النص.
٤ ـ الكافي ٢ : ١٠٨ ح ٩ باب العفو ـ عنه البحار ١٦ : ٢٦٥ ح ٦٢ باب ٩.