وروي انّه لما أدرك عمرو بن عبد ود لم يضربه ، فوقعوا في عليّ عليهالسلام فردّ عنه حذيفة ، فقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : مه يا حذيفة فإنّ عليّاً سيذكر سبب وقفته ، ثمّ انّه ضربه ، فلمّا جاء سأله النبي عن ذلك ، فقال : قد كان شتم أمّي وتفل في وجهي ، فخشيت أن أضربه لحظ نفسي ، فتركته حتى سكن ما بي ثم قتلته في الله (١).
وروي أيضاً انّه نظر عليّ عليهالسلام إلى امرأة على كتفها قربة ماء ، فأخذ منها القربة فحملها إلى موضعها وسألها عن حالها ، فقالت : بعث عليّ بن أبي طالب صاحبي إلى بعض الثغور فقتل وترك عَلَيَّ صبياناً يتامى ، وليس عندي شيء ، فقد ألجأتني الضرورة إلى خدمة الناس.
فانصرف وبات ليلته قلقاً ، فلما أصبح حمل زنبيلاً فيه طعام ، فقال بعضهم : أعطني أحمله عنك ، فقال : من يحمل وزري عنّي يوم القيامة؟ فأتى وقرع الباب ، فقالت : من هذا؟ قال : أنا ذلك العبد الذي حمل معك القربة فافتحي فإنّ معي شيئاً للصبيان.
فقالت : رضي الله عنك وحكم بيني وبين عليّ بن أبي طالب ، فدخل وقال : انّي أحببت اكتساب الثواب فاختاري بين أن تعجنين وتخبزين وبين أن تعلّلين الصبيان لأخبز أنا ، فقالت : أنا بالخبز أبصر وعليه أقدر ، ولكن شأنك والصبيان ، فعلّلهم حتى أفرغ من الخبز.
قال : فعمدت إلى الدقيق فعجنته ، وعمد عليّ عليهالسلام إلى اللحم فطبخه وجعل يلقّم الصبيان من اللحم والتمر وغيره ، فكلّما ناول الصبيان من ذلك شيئاً
__________________
١ ـ المناقب لابن شهرآشوب ٢ : ١١٥ فصل في حلمه وشفقته.